وقال المسؤول عن التخطيط السياسي في "التحالف الأميركي لأجل سوريا" محمد غانم، في منشور له على "فيسبوك" إن مجلس النواب الأميركي أقر مشروع القانون بأغلبية ساحقة من الأصوات بلغت 389 صوتاً مقابل 32 معارضاً فقط.
وأضاف "أن التحالف الأميركي لأجل سوريا (يضم عدة منظمات سورية - أميركية ناشطة في العاصمة واشنطن) إذ يحدوه الفخر اليوم بهذا الإنجاز السياسي والإنساني الضخم، لا يسعه إلا أن يشكر جميع من استجاب لنداءاته وسانده من أبناء وبنات جاليتنا السورية الأميركية طوال الأشهر الـ13 الماضية التي استغرقها وصولنا إلى هذه اللحظة المفصلية، لا في تاريخ العلاقات الأميركية السورية فحسب، بل في تاريخ جهود المناصرة التي اضطلعت بها الجالية السورية الأميركية منذ العام الأول لانطلاقة الثورة السورية".
وكتب كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جيم ريتش، عبر حسابه على منصة "إكس"، تعليقاً على إقرار مشروع القانون في مجلس النواب، قائلاً "يسعدني أن قانون مكافحة التطبيع لنظام الأسد أقر في مجلس النواب بدعم من الحزبين. وسيعزز إقرار هذا المشروع قانون قيصر وسيحاسب الأسد على جرائم الحرب التي ارتكبها، وآمل أن يتحرك مجلس الشيوخ بسرعة لفعل الشيء نفسه".
من جانبه، كان السيناتور الجمهوري ورئيس المجموعة المعنية بسوريا في الكونغرس الأميركي، فرينش هيل، قد أكد أنه يدعم مشروع القانون "بشكل كامل"، داعياً زملاءه في مجلس النواب على التصويت لصالح القانون.
وقال هيل إنه "في حين أن السياسة الأميركية الرسمية لا تدعم التطبيع مع الأسد، إلا أن لدينا مسؤولين حكوميين أميركيين، مثل بريت ماكغورك، ومساعدة وزير الخارجية باربرا ليف، يخففون من موقف السياسة الأميركية، ويشجعون الدول العربية على الحصول على ما تستطيع الحصول عليه من الأسد"، مشدداً على أنه "لم نحصل سوى على مزيد من الحرب".
وأشار إلى أن "الدول العربية قالت إنها تريد وقف تجارة المخدرات وإعادة اللاجئين من الأردن وتركيا ولبنان، والقضاء على النفوذ الإيراني في سوريا"، مؤكداً أن "ذلك لم يحصل". وأضاف هيل أنه "لهذا السبب فإن مشروع قانون مكافحة التطبيع مهم للغاية، لأن النظام السوري، بالنسبة للشعب الأميركي، هو حاملة طائرات عملاقة للإرهاب".
لكن المبعوث الأميركي الخاص السابق لسوريا جويل ريبورن، قال إنه غير واثق من أن مشروع قانون "مناهضة التطبيع مع نظام الأسد"، رغم الدعم الكبير الذي حظي به من الحزبين بمجلس النواب سيمر بشكل مؤكد عام 2024، ولكنه واثق أن ذلك سيحصل عام 2025. وتابع أن "التطبيع مع الأسد ليس له مستقبل".
على ماذا ينص القانون؟
يحظر مشروع القانون على الحكومة الفيدرالية الاعتراف أو تطبيع العلاقات مع أي حكومة في سوريا يقودها بشار الأسد، ويمنح صلاحيات للرئيس الأميركي لمعاقبة من يشارك في "سرقة السوريين"، مع فرض إجراءات تزيد من إمكانية مراقبة التداولات التجارية التي يمكن أن تخترق العقوبات. وكذلك يقضي بأن تعارض واشنطن اعتراف أي حكومة أخرى أو تطبيع العلاقات مع النظام السوري من خلال التطبيق الكامل للعقوبات المنصوص عليها في "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019" والأمر التنفيذي رقم 13894، والذي يتضمن حجب ممتلكات ودخول بعض الأفراد المتورطين في سوريا.
ويحرم مشروع القانون "أي مسؤول أو موظف فيدرالي اتخاذ أي فعل أو صرف أي مبلغ مالي من شأنه أن يشكل أي اعتراف من قبل حكومة الولايات المتحدة، صراحة أو ضمناً، بأي شكل من الأشكال، ببشار الأسد، أو بأية حكومة سورية يرأسها".
ويطلب أيضاً من وزير الخارجية الأميركي تقديم تقرير سنوي استراتيجي بعد ستة أشهر من إقرار القانون، يصف فيه الأفعال التي اتخذتها الدول للتطبيع أو الاتصال مع نظام الأسد، إلى جانب كشف ما يقوم به النظام من تلاعب وسرقة للمساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة.
كما ينص على توسيع نطاق "قانون قيصر لحماية المدنيين"، لعام 2019 والذي فرض عقوبات قاسية على نظام الأسد منذ عام 2020، وعقوبات على الدول التي تسمح لشركة الطيران التابعة للنظام باستخدام مطاراتها.
يذكر أنه عام 2013 اعتبرت الخطوط الجوية العربية السورية على أنها وسيلة محظورة وفرضت عقوبات عليها بموجب القرار التنفيذي 13224 وذلك لأنها تعمل لصالح أو بالنيابة عن قوات فيلق "الحرس الثوري الإيراني"، و"قوات القدس" التابعة لـ"الحرس".
وعام 2016، فرضت عقوبات على شركة "أجنحة الشام" للطيران أيضاً بموجب القرار التنفيذي 13582 وذلك بسبب المساعدة المادية التي قدمتها، أو الرعاية التي وفرتها، أو الدعم المالي أو المادي أو التقني الذي وفرته، أو البضائع أو الخدمات التي قدمتها للحكومة السورية وللخطوط الجوية العربية السورية.
وكان أضيف إلى "قانون قيصر" عام 2021 قانون "تعطيل وتفكيك شبكات إنتاج المخدرات والاتجار بها"، والمرتبطة بالنظام السوري ورئيسه والأوساط المقربة منهما من تجار ومصنعين ومهربين.
ويشير الكاتب بكر غبيس مدير منظمة "مواطنون من أجل أميركا آمنة"، في حديث إعلامي، إلى أن مشروع القانون يؤكد على "قانون قيصر" ويطلب تمديده مدة سبع سنوات إضافية، ويستعرض بالتفصيل آليات استفادة النظام السوري من ثغرات القوانين التي حصلت في السابق وكيف يلتف عليها. ويضيف أنه "يعطي خطة كي لا يتهرب النظام السوري من ثغرات القوانين السابقة"، و"يتحدث عن ضرورة مراقبة المؤسسات المالية التي يمكن أن تعمل في مناطق النظام أو مشاريع إعادة الإعمار".
ويسعى مشروع القانون للاستفادة من جميع السلطات المتاحة لردع جهود إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، ويحظر على أي مسؤول أو موظف فيدرالي اتخاذ إجراءات أو تخصيص أموال تشير ضمناً إلى اعتراف الولايات المتحدة ببشار الأسد أو حكومته.
"خطوة مهمة"
ويعتبر نشطاء ومراقبون من الجالية السورية في الولايات المتحدة أن تلك الخطوة مهمة جداً لاعتبارات عديدة ولكن يلزمها خطوات كي تطبق على أرض الواقع.
ولكي يصبح مشروع القرار نافذاً، يجب أن يقره الكونغرس أي مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ثم يحول إلى مكتب الرئيس الأميركي جو بايدن ليوقعه كمرحلة نهائية.
يقول الإعلامي أيمن عبد النور، رئيس منظمة "سوريون مسيحيون من أجل السلام" المقيم في الولايات المتحدة لـ "اندبندنت عربية"، "إن إقرار القانون في مجلس النواب خطوة مهمة، ستسعى كل الإدارات في مختلف المنظمات ومختلف قيادات الجالية السورية المعارضة في الولايات المتحدة، لأجل إقراره في مجلس الشيوخ قبل نهاية العام، لأنه إذا تجاوز ذلك فإن الانتخابات الأميركية الذي ستجري في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ستؤدي إلى تغيير الكونغرس وبالتالي يجب أن يطرح القانون من جديد، حيث سنعود إلى المربع الأول العام المقبل".
وعن أهمية مشروع القانون يشير عبد النور إلى أن "دور هذا القانون جداً مهم لأنه سيضغط على النظام وكل الموارد المالية، وعلى الموارد التي كان يسرقها باسم الأمم المتحدة سواء من الإغاثات الغذائية والمالية والدلاورية والقطع الأجنبي، وأيضاً سيضغط بشكل كبير على كل الدول والشركات التي تسعى إلى التطبيع أو إعطاء قروض أو تقديم تمويل للنظام، أو تشييد أبنية في سوريا".
هل من خشية ألا يمرر القانون داخل الكونغرس؟
يؤكد الإعلامي عبد النور "هناك عمل جدي وغير حزبي بمعنى أن القانون يحظى بإجماع الديمقراطيين والجمهوريين، والذين صوتوا ضد مشروع القانون وإقراره في مجلس النواب ينتمون إما لأقصى اليسار أو اليمين، أي المتشددين في الحزبين".
وعن مخاوف تغير الإدارة الأميركية يفيد أنه "لا نخشى من تغير الإدارة الأميركية في انتخابات نوفمبر ولا حتى تغير الكونغرس في نهاية العام، هناك وعي كامل لدى المشرعين الأميركيين من كلا الحزبين حول مناهضة التطبيع مع نظام الأسد وعدم إعطائه فرصة.
لكن المشكلة إذا لم يقر في مجلس الشيوخ قبل نهاية العام فسوف نعود إلى نقطة الصفر، بالتالي سوف يعاد طرح الموضوع من جديد في الكونغرس القادم بداية عام 2025".
ويضيف "يأمل السوريون أن لا يطلب أي عضو من مجلس الشيوخ المناقشة لأنه في حال حصل ذلك، هذا يعني أنه يجب أن يطرح للمناقشة العامة، ويجب أن يخصص له 24 ساعة للنقاش، وهذا الوقت غير محدد على جدول أعمال مجلس الشيوخ قبل العام المقبل. من هنا العمل بشكل حثيث لتمريره في مجلس الشيوخ".
مفاعيل قوانين العقوبات الأميركية على الداخل السوري
ومن دمشق تحدثت "اندبندنت عربية" إلى عضو المكتب السياسي في الحزب "السوري القومي الاجتماعي" طارق الأحمد، والذي قال "إن الفلسفة التي تقوم عليها القوانين الأميركية الجديدة كقانون قيصر، والآن مشروع القانون هذا، تقوم على فلسفة قاهرة للشعوب.
لأنه ما اتضح من (قانون قيصر) أنه سرى على جميع السوريين، وأثر على المواطن السوري وليس على النظام". ويشير الأحمد إلى أنه "ولا مراقب أفاد أن هناك أي تأثير أو نتائج لقانون قيصر على النظام السوري، أو الأشخاص أو المسؤولين الذين ذكرهم القانون.
والآن يأتي هذا القانون ليكون له نفس مفاعيل (قيصر)".
ويشرح الأحمد أن "(قانون قيصر) لم يفرق بين مواطن وآخر حسب انتمائه السياسي أو الحزبي، بل طال أيضاً السوريين المتواجدين خارج سوريا، وأيضاً من يتعامل مع السلطات السورية، على الصعيد التجاري والاقتصادي، وهناك بعض العقوبات القاهرة المنافية للإنسانية، حيث يجري التعامل في المصارف والشركات الكبرى مع كل مواطن سوري وكأنه (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه)، فلا المصارف تمكّن السوري من فتح حسابات، ولا يسمح للسوري لا في الداخل ولا في الخارج بإجراء معاملات تجارية وصناعية وغيرها.
وهذا قهر للمواطن السوري، لأنه قانون ظالم وتنطبق عليه كل صفات التفرقة العنصرية واضطهاد الإنسان، يضاف إلى ذلك مشروع القانون الذي يناقش الآن".
ويلفت عضو المكتب السياسي في الحزب "السوري القومي"، "أن المشرع الأميركي يمارس تمييزاً وقهراً ضد الإنسانية لأنه لا يفرض هذا القانون على شركات ومصارف الولايات المتحدة فقط بل يذهب إلى معاقبة كل من يتعامل مع سوريا حول العالم، ومعلوم أن هناك عائلات ممتدة ما بين إربد في الأردن ودرعا في سوريا، وبين طرابلس وحمص، وبين بيروت ودمشق،
فيعاقب الأخ إذا ما تعامل مع أخيه أو أي من أفراد عائلته وفقاً لقانون قيصر، وكان لقيصر التأثير الكبير لأن بعض الدول وخاصة الدول القريبة تخوفت من عقوباته، بالتالي امتنعت عن التعامل مع سوريا (النظام)، وإذا طبق القانون الجديد فسوف يزيد من معاناة وقهر المواطن السوري، وأي عقوبات جديدة تعتبر عاملاً من عوامل إشعال المنطقة وعدم استقرارها، بالتالي تدفع السوريين أكثر فأكثر نحو التطرف والتشدد".