حملت الموسيقى رسالة إنسانية قوية، عبرت عن المقاومة والاحتجاج ضد انهيار القيم الإنسانية، وصرخة تضامن مع الشعوب المضطهدة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي هتفت له الفرقة بالحرية.
"أديكت أميبا": مزيج ثقافي فريد
تأسست فرقة "أديكت أميبا" عام 2017 في حي كازوريتو التاريخي بميلانو، وتضم فنانين من خلفيات ثقافية متنوعة، من أمريكا اللاتينية إلى عازفي البانك والجاز، بالإضافة إلى عناصر من فرق الآلات النفخية الشعبية.
هذا التنوع منح الفرقة طابعًا عابرًا للثقافات، حيث تمزج بين الإيقاعات الأفرو-لاتينية، الفلكلور الإفريقي، الجاز الفانك المتوسطي، والبانك الغربي، لتخلق صوتًا متحررًا يعكس فلسفتها القائمة على الأخوة والتعايش.
قدمت الفرقة خلال السهرة مزيجًا احتفاليًا من المقطوعات الموسيقية مثل "Love Lava"، "Panamor"، "Furiosa"، و"Ya Bled"، وصولاً إلى "Nansa" التي أشعلت حماس الجمهور وأعادته إلى حلبة الرقص رغم حرارة الطقس.
تميز العرض بتفاعل حي بين الآلات النفخية والإيقاعات الراقصة، ما خلق تجربة موسيقية مفعمة بالحيوية والتحرر.
اقرأ ايضأ:-
حضور تونسي مميز
برز خلال السهرة الفنان التونسي ربيع إبراهيم، العضو الجديد في الفرقة، الذي أضاف لمسة محلية مميزة بعزفه الماهر على آلتي الشقاشق والطبل. انضم ربيع إلى "أديكت أميبا" بعد لقاء في ميلانو خلال فعاليات ثقافية، حيث شارك في تسجيل أغنية "يا بلاد" ضمن ألبوم الفرقة الثاني، ليصبح لاحقًا عنصرًا أساسيًا فيها، ممزجًا بين خلفيته المسرحية وحسه الإيقاعي.
رسالة موسيقية بلا حدود
في ندوة صحفية عقب العرض، أكد باولو تشيروتو، عضو الفرقة، أن مشروعهم الموسيقي يحمل أبعادًا إنسانية وسياسية، يسعى إلى كسر الحدود السياسية والجغرافية من خلال دراسة موسيقات العالم ومزجها في قالب جديد يعزز احترام الثقافات.
وأشار إلى أن الحفل مدعوم من المعهد الثقافي الإيطالي في تونس ضمن مشروع "شلوق"، الذي يهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي بين تونس وإيطاليا، مستحضرًا الروابط التاريخية مثل هجرة السيسيليين إلى تونس قبل قرنين.
كما شرح تشيروتو دلالات اسم الفرقة "Addict Ameba"، موضحًا أنه يرمز إلى الإدمان بمختلف أنواعه، وإلى "الأميبا" ككائن يعبر عن الجمود، في دعوة للاستفاقة وتحديد المصير.
وأشار إلى الصلة الرمزية مع "أديس أبابا"، عاصمة إثيوبيا، كإشادة بموسيقى الجاز الإفريقي.
دعوة للتأمل في التاريخ
أكد تشيروتو أن الفرقة تسعى من خلال موسيقاها إلى التفكير في التاريخ الاستعماري الإيطالي، خاصة في ليبيا وإثيوبيا، والذي غالبًا ما يُهمَّش في الخطاب الرسمي.
وأضاف أن "أديكت أميبا" تجمع بين الفن والموقف السياسي، سواء عبر الموسيقى أو المواقف الشخصية لأعضائها، معربًا عن تضامن الفرقة مع القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
أجواء احتفالية عابرة للقارات
شهدت السهرة حضورًا لافتًا للجمهور الإيطالي الذي جاء لدعم فرقته المفضلة، إلى جانب الجمهور التونسي الذي تفاعل بحماس مع الإيقاعات الداعية للحب والسلام. وبدت الأجواء وكأنها تجمع بين قلب نابولي وجنوب المتوسط، في تجربة موسيقية فريدة عززت من قيم التآخي والتعايش.
يتواصل مهرجان الحمامات الدولي بنبضه الموسيقي، حيث يستضيف في سهرة اليوم الخميس 24 جويلية الفنان الأردني من أصول فلسطينية سيلاوي، الذي يعد واحدًا من الأصوات الشابة البارزة في المنطقة.