الرؤية المصرية:- يستعد مجلس الأمن الدولي لزيارة رسمية إلى سوريا هذا الشهر، في أول رحلة من نوعها بعد سقوط نظام بشار الأسد قبل عام، وسط تصاعد مطالب الأقليات الكردية والدروزية والعلوية والمسيحية بنظام حكم لامركزي يحمي هوياتها الثقافية والدينية، مع تحذيرات من أن تجاهل هذه المطالب قد يشعل فتيل صراعات طائفية جديدة تهدد الاستقرار الإقليمي.
وأكد رئيس المجلس الحالي، السفير السلوفيني صامويل زبوغار، في مقابلة مع شبكة "رووداو" الكردية، أن الزيارة تأتي في "لحظة حساسة" لسوريا ولبنان، مشيراً إلى أن السلطات الانتقالية في دمشق تعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة بعد عام من الثورة الشعبية التي أطاحت بالأسد في ديسمبر 2024، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة التي تؤكد على ضرورة رفع العقوبات ودعم الإعادة الإعمار لضمان اندماج المرأة والأقليات في العملية السياسية.
ومع ذلك، أصر زبوغار على أن المجلس لن يتدخل في قضية الحكم الذاتي للأقليات، قائلاً إن "القرار يعود لسوريا نفسها"، وأنه سيستمع إلى "الجميع" خلال الزيارة دون التعبير عن رأي في شؤون داخلية، في إشارة إلى مطالب الأكراد في شمال شرق سوريا بالفيدرالية، التي يدعمها خبراء جغرافيون بسبب الانتشار المتفرق للأقليات في مناطق متنوعة، كما أفادت دراسات معهد "الأزمات الدولي" في أبريل 2025.
تأتي الزيارة قبيل ذكرى سقوط الأسد، حيث أعربت السلطات الانتقالية برئاسة أحمد الشرا (أبو محمد الجولاني) عن التزامها بقرار مجلس الأمن 2254 لعملية انتقالية سلمية، لكن تقارير الأمم المتحدة في سبتمبر 2025 تكشف عن نقص تمثيل الأقليات في الانتخابات غير المباشرة للمجلس الشعبي الانتقالي، حيث حصل النساء على 13% فقط من المقاعد، ولم يحصل الدروز على أي تمثيل، بينما يسيطر السنة المسلمون على الأغلبية، مما أثار مخاوف من مركزية السلطة في دمشق.
وفي سياق متصل، أدان المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك هجوماً حديثاً على مصفاة غاز مدنية، مؤكداً معارضة الأمم المتحدة لأي اعتداء على البنية التحتية يخالف القانون الدولي، في إشارة إلى التوترات الأمنية المستمرة التي شهدتها سوريا خلال العام الماضي، بما في ذلك اشتباكات طائفية في السويداء والساحل أسفرت عن مئات القتلى، وفقاً لمرصد حقوق الإنسان السوري.
رغم التقدم في تشكيل الحكومة الانتقالية في مارس 2025، التي تضم 23 وزيراً من خلفيات عرقية ودينية متنوعة بما في ذلك المسيحية هند كبوات كوزيرة للشؤون الاجتماعية، إلا أن التحديات الاقتصادية الهائلة والتمويل المحدود للإغاثة – حيث لم يصل سوى 10% من الاحتياجات للنصف الأول من 2025 – تعيق الجهود، كما أفادت السفيرة الخاصة للأمين العام في اجتماعات المجلس الأخيرة.
مع ترقب الزيارة التي تهدف إلى تعزيز ثقة السوريين بالأمم المتحدة بعد سنوات من الإهمال تحت حكم الأسد، يبقى السؤال: هل تكون هذه الخطوة الدبلوماسية جسراً للحوار الشامل، أم مجرد شهادة على صراع داخلي يهدد بإعادة سوريا إلى دائرة العنف؟