تحت سماء نيسان المرصعة بالنجوم، وبرعاية وزيرة الشؤون الثقافية، أمينة الصرارفي، تجمع عشاق التراث ليشهدوا لحظة تاريخية تجمع بين الماضي العريق والحاضر النابض.
لم يكن هذا الحفل مجرد بداية لمهرجان ثقافي، بل كان احتفاءً بالهوية التونسية، بأصالتها وتنوعها، ودعوة للأجيال لاحتضان إرثها.
وقد تابعت شبكة الرؤية الإخبارية المصرية هذا الحدث الاستثنائي، موثقةً للعالم لحظات تتألق فيها تونس كمنارة ثقافية في قلب البحر الأبيض المتوسط.
اقرأ ايضأ:-
كركوان: بوابة التاريخ
كركوان، الجوهرة البونيقية التي شُيدت على سواحل رأس الطيب، ليست مجرد موقع أثري، بل هي شاهد حي على عبقرية شعب عرف كيف ينسج التاريخ بين أمواج البحر وأحجار الأرض.
بين أطلالها التي تحمل آثار المعابد والبيوت، انطلق شهر التراث بعرض درامي أسر القلوب بعنوان "سيدة كركوان". هذه المشهدية، التي تجسد روح المرأة البونيقية بكل قوتها وجلالها، لم تكن مجرد عمل فني، بل كانت استحضارًا لروح الأنثى التي كانت عماد المجتمع القديم.
المشهدية لمحمد امين الخماسي رئيس مصلحة بادارة التراث بوزارة الشؤون الثقافية، وديكور وجدي القايد وحسام الساحلي ركزت على شخصية نسائية رمزية، ربما نبيلة أو حرفية، تعكس دور المرأة في الحياة اليومية، سواء في التجارة، الحرف، أو العبادة.
بموسيقى مستوحاة من أناشيد البحر، وإضاءة تعانق الأحجار القديمة، نقل العرض الحضور إلى زمن كانت فيه كركوان مركزًا نابضًا بالحياة، حيث اختلطت أصوات الصيادين بضحكات الأطفال وهمسات العشاق.
رغم عدم توفر تفاصيل عن المخرج أو الكاتب، فقد بدا العرض رمزًا للصمود الثقافي، يحكي قصة شعب تحدى الزمن ليترك بصمته في قلب المتوسط.
أهمية شهر التراث: جسر الأجيال
شهر التراث في تونس، الذي يمتد من 19 أبريل إلى 18 مايو 2025، ليس مجرد مناسبة سنوية، بل هو احتفاء عميق بالذاكرة الجماعية التي شكلت الهوية التونسية.
في زمن تسوده التحولات السريعة والتحديات العالمية، يبرز هذا الحدث كمنارة ثقافية تعيد ربط الأجيال بجذورها، وتذكّر الشباب بأن تاريخهم ليس مجرد صفحات في كتاب، بل هو نبض حي يجري في عروقهم.
شهر التراث هو دعوة لاستكشاف الأطلال البونيقية، والمساجد العثمانية، والأسواق التقليدية، ليس فقط كشواهد مادية، بل كحكايات حية تحمل قيم الصمود، الإبداع، والتسامح.
إحياء الهوية الثقافية
في قلب المشهد الثقافي التونسي، يمثل شهر التراث لحظة تأمل وفخر. إنه الموسم الذي تتحول فيه المواقع الأثرية إلى مسارح مفتوحة، وتصبح الأسواق القديمة فضاءات للحوار بين الأجيال.
من خلال هذا الحدث، تتجلى تونس كموزاييك ثقافي يجمع بين الإرث البونيقي، الروماني، العربي الإسلامي، والأمازيغي.
هذا التنوع ليس مجرد مصدر فخر، بل هو قوة دافعة لتعزيز الانتماء الوطني في مواجهة التغريب الثقافي. فعندما يتجول الشباب بين أحجار كركوان، أو يستمعون إلى حكايات الأجداد في الأسواق، يدركون أن هويتهم ليست مجرد ماضٍ، بل هي أساس لمستقبل يحترم الجذور ويطمح إلى العالمية.
ربط الأجيال بالتاريخ
أحد أعظم إنجازات شهر التراث هو دوره في ربط الأجيال الشابة بتاريخها. في عصر تهيمن فيه التكنولوجيا والثقافات الأجنبية، يواجه الشباب التونسي تحدي الحفاظ على هويتهم.
شهر التراث يقدم لهم فرصة للغوص في أعماق تاريخهم، ليس من خلال الكتب فحسب، بل عبر تجارب حية تجمع بين الفن، الموسيقى، والحرف التقليدية.
عندما يشاهد الشاب التونسي عرضًا مثل "سيدة كركوان"، يرى فيه انعكاسًا لقوة أسلافه، ويدرك أن هذه القوة لا تزال تعيش فيه.
هذه التجارب ليست مجرد ترفيه، بل هي دعوة لتحمل مسؤولية الحفاظ على الإرث، ليكون الشباب حراس الذاكرة الذين ينقلون هذا الكنز إلى الأجيال القادمة.
تعزيز المشهد الثقافي
في المشهد الثقافي التونسي، يمثل شهر التراث حجر زاوية في تعزيز الإبداع والحوار الثقافي. من خلال الأنشطة الفنية والعروض المسرحية، يصبح هذا الحدث منصة للفنانين المحليين لعرض مواهبهم، وللمجتمعات المحلية لرواية قصصها.
مشهدية "سيدة كركوان"، على سبيل المثال، ليست مجرد عرض، بل هي تعبير عن الروح التونسية التي تجمع بين الفن والتاريخ.
هذه الأنشطة لا تعزز الفخر الوطني فحسب، بل تجذب أيضًا الزوار من الخارج، مما يعزز مكانة تونس كوجهة ثقافية عالمية.
التغطية الإعلامية من شبكة الرؤية الإخبارية المصرية (شبكة الرؤية) تؤكد هذا البعد الإقليمي، حيث أشادت بجمال كركوان والعرض الفني كرمز للروابط الثقافية العربية.
الحفاظ على التراث في مواجهة التحديات
في عالم يواجه تحديات بيئية واجتماعية، يبرز شهر التراث كمنصة للتوعية بأهمية الحفاظ على التراث المادي واللامادي. المواقع الأثرية مثل كركوان، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي (يونسكو)، تواجه تهديدات التدهور والإهمال.
من خلال إشراك المجتمع، وخاصة الشباب، في فعاليات شهر التراث، يتم تعزيز الوعي بضرورة حماية هذه المواقع.
هذا الحدث يذكّر التونسيين أن تراثهم ليس مجرد أحجار، بل هو إرث إنساني يحمل قيم التسامح والإبداع التي يمكن أن تلهم العالم.
شبكة الرؤية الإخبارية: جسر ثقافي
لم تقتصر أصداء هذا الحدث على تونس، بل تجاوزت الحدود إلى الشقيقة مصر، حيث تابعت شبكة الرؤية الإخبارية حفل الافتتاح بحماس.
لم تكتفِ الشبكة بنقل الأحداث، بل أبرزت جمال كركوان وأشادت بمشهدية "سيدة كركوان" كعمل فني يعكس قوة المرأة في التاريخ العربي.
هذه التغطية ليست مجرد تقرير إخباري، بل شهادة على الروابط الثقافية العميقة بين تونس ومصر، حيث يجمع التراث بين قلبي الأمة العربية.
إن اهتمام وسيلة إعلامية مصرية بهذا الحدث يؤكد أن شهر التراث ليس مجرد حدث محلي، بل رسالة إقليمية تذكّر العالم بأن الثقافة هي لغة الشعوب التي لا تعرف الحدود.
تراث ينير المستقبل
شهر التراث في تونس لعام 2025، الذي يمتد من 19 أبريل إلى 18 مايو، الذي تنظمه وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث، ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية بتونس، هو أكثر من مهرجان، إنه لحظة تاريخية تتجسد فيها روح الأمة.
في كركوان، حيث أضاءت الوزيرة أمينة الصرارفي الافتتاح بحضورها، وحيث ألهمت "سيدة كركوان" القلوب، أثبتت تونس أن التراث ليس مجرد ذكريات، بل قوة نابضة تشكل الحاضر وتنير المستقبل.
من خلال هذا الحدث، يتجدد العهد بين الأجيال، حيث يتعهد الشباب بحماية إرثهم، ليس فقط كواجب، بل كفخر يعزز هويتهم. فلنحتفِ بهذا التراث، ولنحافظ عليه كميراث للأجيال، لأن في كل حجر من كركوان، وكل قصة من تاريخ تونس، حكاية لا تموت.