اقرأ ايضأ:-
يتماشى العرض مع شعار الدورة «تاريخ يتحكى.. فن يتعاش»، حيث يروي فصولًا فنية تمتد جذورها إلى القرن العشرين، ممزوجة بتوليفة تجمع بين الأصالة والتجديد.
رحلة عبر الزمن
عبر لوحات موسيقية بصرية، تداخلت فيها الألحان بالصور والكلمات بالذاكرة، استحضر العرض مراحل فارقة من المسار الإبداعي التونسي. أضاء على أعمال نخبة من الملحنين والشعراء مثل خميس الترنان، محمد التريكي، محمد الجموسي، علي الرياحي، الهادي الجويني، عبد الحميد السلايتي، صالح الخميسي، وصليحة، الذين تركوا بصماتهم في السجل الفني التونسي. تصاعدت ألحان «سلام الباي» مع عزف الأوركسترا السمفوني التونسي، بينما أنارت كلمات جمال المداني دروب الذاكرة، مذكرًا بإرث فني عصي على النسيان.
تنوع فني مبهر
مزج العرض بين الموسيقى، الغناء، المسرح، الشعر، الرقص، والرسم، ليحمل الجمهور إلى «قاع الخابية»، التعبيرة العامية التي تحمل عمق الذاكرة وخفاياها. شاركت الفرقة الوطنية للفنون الشعبية بلوحات كوريغرافية متنوعة، تفاوتت فيها الأزياء والحركات، معززة المشهدية السمعية والبصرية. على شاشات العرض، تجلت صور تعكس أزمنة تونس المختلفة، ووجوه الملحنين والشعراء الذين شكلوا الوجدان الجمعي.
إعادة تأويل التراث
لم يكتفِ العرض باستعادة الأعمال الفنية، بل أعاد تأويلها برؤية معاصرة، تُعيد الاعتبار للإرث الموسيقي التونسي. أدى الفنانون محرزية الطويل، شكري عمر الحناشي، حمزة الفضلاوي، والشاذلي الحاجي أغانٍ خالدة مثل «الهلالو»، «عرضوني زوز صبايا»، «اللي تعدا وفات»، «زعمة يصافي الدهر»، «حبي يتبدل يتجدد»، و«خيل سالم». كما قدّم الثنائي حمزة الفضلاوي ومحرزية الطويل «عمري وعمرك» لحمادي الباجي وقدور الصرارفي، و«خلقت طليقا» لأبي القاسم الشابي وعبد الحميد السلايتي.
الاحتفاء بالشعراء والكتاب
كان للشعراء والكتاب نصيب وافر من الاحتفاء، مع حضور أبي القاسم الشابي، محمود بورقيبة، عثمان الغربي، الطاهر القصار، وجلال الدين النقاش. كما أضفى جمال المداني لمسة مسرحية مميزة من خلال تقديم نصوص علي الدوعاجي، مثل «الكانزة الكل وأنا نكالي»، مضيفًا طابعًا ساخرًا يعكس روح النص.
رسالة تضامن مع فلسطين
في مشهدية مؤثرة، صدحت أصوات محرزية الطويل، شكري عمر، وحمزة الفضلاوي بأغنية «سيف فليشهر» لسعيد عقيل والأخوين الرحباني، مع ظهور الراية الفلسطينية على الشاشات، معبرة عن دعم تونس التاريخي للقضية الفلسطينية.
توليفة بين الأصالة والمعاصرة
بإشراف فني دقيق، مزج «من قاع الخابية» بين الأصالة والتوزيع الأوركسترالي المعاصر، مقدمًا دعوة مفتوحة لإعادة اكتشاف الإرث الموسيقي التونسي. شكّل العرض تأملًا في مسار الفن التونسي، موصلًا بين الأمس واليوم، ومؤكدًا على قدرة التراث على الحياة والتجدد في قلوب الجمهور.