اقرأ ايضأ:-
قدّم هذا العرض مقاربة موسيقية مبتكرة أعادت صياغة الأداء الموسيقي العربي من خلال توزيع أوركسترالي دقيق، يمزج بين الألحان الشرقية والغربية، ليخلق جسرًا ثقافيًا يحافظ على هوية الموسيقى الكلاسيكية العربية مع فتح آفاق للتجديد.
استهلت السهرة بعرض فيلم وثائقي قصير سلّط الضوء على المسيرة الفنية للموسيقار وناس خليجان، مستعرضًا محطات من تجربته التي جمعت بين الأصالة والحداثة.
تبع ذلك أداء الفنان هيثم الحذيري لمقطوعة "البستان" من ألحان خليجان، في افتتاحية حملت رمزية التكريم وروح الوفاء التي تميز هذا المشروع الجماعي.
جسّد عرض "حوار الأوتار 2" رؤية كمال الفرجاني الفنية التي تسعى إلى بناء حوار موسيقي بين الشرق والغرب، عبر دمج ذكي للأنظمة اللحنية الشرقية مع الكتابة الأوركسترالية الغربية، دون التضحية بالروح الأصلية للأعمال الموسيقية. يؤمن الفرجاني بأن التنوع الثقافي مصدر إثراء فني وإنساني، وهو ما تجلى في كل تفصيلة من العرض.
فقد أدت كل مجموعة من الآلات دورًا دراميًا يشبه شخصيات مسرحية، مانحةً كل مقطوعة طابعًا سرديًا متفردًا، بينما عزز التناغم بين الأصوات البشرية والآلات الإيقاع الجمالي للعرض على مدى ساعتين.
حضر الجمهور بأعداد غفيرة، مملئًا مدرجات المسرح، وأبدى إعجابه بالتصفيق الحار حتى نهاية العرض، تقديرًا للتوليفة الموسيقية التي حافظت على التراث وفتحت نوافذ للتجديد. تنوع البرنامج بين مقطوعات أصلية وأخرى معاد توزيعها، بدءًا من "استخبار" التي ألفها الفرجاني ووزعها وناس خليجان، مرورًا بأغنية "الليل يا روحي" (كلمات آدم فتحي، ألحان إدواردو دي كابوا، توزيع الفرجاني)، وصولاً إلى "كبرت يا أمي" (نص نزار قباني، ألحان الفرجاني، توزيع خليجان)، حيث برزت حساسية المايسترو في التعامل مع النصوص الشعرية الكبرى.
شاركت نخبة من الأصوات التونسية تمثل أجيالاً مختلفة، مما أضفى تنوعًا وثراءً على العرض. افتتحت رحاب الصغير بأداء راقٍ لـ"زهرة المدائن" و"البلاد اللي تغني عليها"، ثم عادت لتقدم "محلا ليالي أشبيلية" و"كبرت يا أمي". تألق هيثم القديري بأداء "الليل يا روحي" و"كأنّا لا تعارفنا" (كلمات آدم فتحي، ألحان جورج بيزي، توزيع الفرجاني). أما سليم دمق فقد أبدع في "أنا هويت" لسيد درويش و"كامل الأوصاف فتني" لمحمد الموجي بتوزيع جديد، إلى جانب "يا رايح" لدحمان الحراشي وأغنيته الخاصة "ليامات".
وقدمت بثينة نابولي وصلة من مقام "محير سيكا" تضمنت "يا مقواني"، "آه وادعوني"، "حزت البها والسر" (ألحان خميس الترنان)، و"آه يا خليلة" (ألحان صالح المهدي، توزيع وناس خليجان)، ثم أدت "انحبك" (كلمات سيرين شكيلي، توزيع إلياس بلاقي) و"يا بنت بلادي" من التراث المغربي.
اختتم العرض بأداء جماعي لأغنية "القمر المصلوب" (كلمات توفيق زياد، ألحان حسين نازك، توزيع وناس خليجان)، في لحظة مؤثرة جمعت الأصوات لتؤكد رسالة العرض الفنية والإنسانية، التي تدعو إلى الحرية والعدالة والسلام.
نجح "حوار الأوتار 2" في تقديم أعمال عربية وغربية بقراءات موسيقية معاصرة، مستفيدًا من شعر آدم فتحي وخالد الوغلاني، ومبرزًا قدرة الفرجاني على توجيه الأصوات واختيار النصوص وإعادة توزيع الألحان في مشهد موسيقي يعانق الجمال ويعيد تعريف العلاقة بين الشرق والغرب.
يتواصل مهرجان الحمامات الدولي تحت شعار "نبض متواصل"، ويتجدد الموعد اليوم الأربعاء 23 جويلية مع المجموعة الإيطالية "أديكت أميبا"، التي تمزج الإيقاعات الأفرو-لاتينية المستوحاة من الفلكلور الإفريقي وأمريكا الوسطى، لتعزز الأخوة والتواصل عبر الموسيقى.