اقرأ ايضأ:-
لكن مهرجان هذا العام بمحافظة سليانة (127كلم شمالي غرب تونس العاصمة) الذي بلغ دورته السابعة والاربعين، أثبت أن العمر ليس رقما، بل وترجمه إلى معنى حقيقي للهرم والضعف القابل للسقوط، إن لم يكن قد سقط وما نرى الا حطاما.
بل وأثبت أنه بعيد كل البعد عن استراتيجية الدولة التونسية وأهدافها من دعم مثل هذه المهرجانات ودفع لها الأموال وتسخير الإمكانيات، فبدلاً من أن يكون حدثًا يُحتفى به، تحول إلى عرض كوميدي من نوع خاص، حيث برز مدير المهرجان كأحد الشخصيات الرئيسية في هذه المهزلة.
تجاهل الإعلام
من المثير للسخرية أن المدير، الذي يُفترض أن يكون حلقة الوصل بين المهرجان والإعلام، اختار أن يتجاهل الصحفيين كما لو كانوا مجرد ضيوف غير مرغوب فيهم. بينما كان الجميع ينتظرون بفارغ الصبر للحصول على تصريحات أو معلومات، كان المدير يختبئ في زواياه المجهولة، وكأنه يلعب لعبة "اختبئ وابحث".
مواعيد مفقودة وطعام مفقود
لم يقتصر الأمر على تجاهل الإعلام، بل كان المدير أيضًا متمرسًا في ضرب المواعيد الزائفة، فقد حدد مواعيد مع الصحفيين ثم اختفى، تاركًا إياهم في حالة من الإحباط. وكأن ذلك لم يكن كافيًا، فقد تركهم بلا طعام، مما جعلهم يشعرون وكأنهم في معسكر صيفي وليس مهرجانًا فنيا، فإذا كنت تبحث عن مدير مهرجان يجيد فن الاختباء، فابحث عن هذا الرجل!...الذي عليه أن يتذكر أن الإعلام هو جزء لا يتجزأ من أي حدث ناجح، وأن الطعام ليس مجرد "كماليات"!
بداية القصيد
بدأت المشاكل منذ بداية عرض افتتاح الدورة 47لمهرجان سليانة الذي احيته الفنانة التونسية، ألفة بن رمضان، حيث تململ الحضور من تكرار رداءة الصوت والصورة أثناء الحفل، مما جعل الصوت النقي ذو الطبقة العريضة القادر على أداء كافة الألوان الغنائية، كنقيق ضفدع يغرق رغم أنه مائي، بل واضطرت المطربة للتدخل بعد طلب الإعلاميين والمصورين منها الاقتراب من الضوء من اجل تصويرها، وتساءلت عن ضوء وقع اطفاؤه، وهذا اضطر "بن رمضان" اثناء الغناء الى التحرك مرواحا ومجيئا في اتجاه الكاميرات مما تسبب في ارهاق كبير لها، خاصة انها كانت امام ميكروفون رأسي ثابت.
أما عن الصوت، فقد كان أسوأ ما في الأمر. فبدلاً من أن يكون واضحًا ومريحًا للأذن، كان هناك صراخ وضوضاء مستمرة. كان من الصعب على الحضور فهم الكلمات أو الاستمتاع بالموسيقى التصويرية، مما أثار استياء الجميع، وجعلهم يشعرون وكأنهم في احتفال بمولد وكل جوقة تعزف الحانها في آن واحد، فإذا كنت تبحث عن تجربة غنائية مميزة، فابحث عن مكان آخر، هذا المهرجان ليس المكان المناسب.
(عرض خاص للإعلاميين) حادثة الإغماء
وفي ذروة الفوضى، قررت الفنانة ألفة بن رمضان أن تضع "لمسة فنية"، عندما أغشي عليها ، بحسب ما قيل للإعلاميين الذين انتظروا تصريحات منها إثر انتهاء الحفل، هذه الحادثة أثارت الكثير من الجدل، حيث اعتبرها البعض نتيجة مباشرة للضغط النفسي الذي تعرضت له بسبب الأجواء المربكة. .
فيبدو أن الدورة 47 من هذا المهرجان ستظل في الذاكرة كواحدة من أسوأ الدورات، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل المهرجان وكيفية تحسين تنظيمه في السنوات القادمة، فإذا كنت تبحث عن الإثارة، فلا تبحث بعيدًا، فقط احضر مهرجان الفوضى!، مهرجان الـ47: حيث الإغماء هو العرض الرئيسي!
مهرجان بلا جودة
في النهاية، يبدو أن هذا المهرجان لم يكن مجرد حدث فني ترفيهي فاشل، بل كان درسًا في كيفية عدم إدارة الفعاليات. نتمنى أن يتعلم المنظمون من هذه التجربة، وأن يستعينوا بفريق محترف في المرة القادمة لضمان تقديم تجربة فنية ترفيهية متميزة لهذه المناطق التي تفتقر وتنتظر من السلطات تحركا يؤكد لهم أن حكومتهم تأخذهم على محمل الجد.
فمهرجان سليانة، وبمناسبة دورته الـ47 جعل الجميع يتساءل عن مدى جدوى هذا الحدث، على الرغم من التاريخ العريق للمهرجان، إلا أن سوء التنظيم كان سمة بارزة، حيث بدت الأمور وكأنها تُدار من قبل مجموعة من الهواة بدلاً من محترفين، أو ربما يستعينوا بفريق من الكوميديين لإضفاء لمسة فكاهية على تلك الفوضى!..إن أرادوا استمرارها (...؟)