الرؤية المصرية:-- صوّر فيلم "تايتانيك" الشهير للمخرج جيمس كاميرون الضابط الأول ويليام مردوخ كشخصية سلبية، حيث يطلق النار على الركاب الذين يحاولون الصعود إلى قوارب النجاة ثم ينتحر، مما جعله يبدو جبانًا وقاتلاً.
بالنسبة لبعض المتابعين، هذا التصوير لم يكن بعيدًا عما حدث على متن السفينة الحقيقية، إذ اتُهم هذا الضابط الاسكتلندي بالتخلي عن منصبه. لكن شهادات أخرى من عائلته وزملائه تؤكد أنه أنقذ العديد من الأرواح.
فمن هو ويليام مردوخ الحقيقي، وما الذي حدث فعلاً في تلك الليلة المأساوية؟
في ليلة 14 أبريل 1912، بينما كان مردوخ يؤدي واجبه على الجانب الأيمن من السفينة، اصطدمت "تايتانيك" بجبل جليدي.
وعلى عكس الصورة السينمائية، تكشف التحقيقات الحديثة أن مردوخ بذل جهودًا بطولية لإنقاذ الركاب.
كان من المفترض أن يكون الضابط الأول، لكن تغييرات في الطاقم جعلت هنري تينغل وايلد يتولى المنصب بدلاً منه.
ومع ذلك، أظهرت أبحاث حديثة باستخدام تقنيات المسح ثلاثي الأبعاد أن مردوخ كان يحاول إنزال آخر قارب نجاة عندما جرفته الأمواج وتوفي في 15 أبريل 1912.
النموذج الرقمي الدقيق للسفينة، الذي أُنشئ باستخدام 715 ألف صورة وملايين القياسات بالليزر من شركة "ماجلان"، أظهر أن رافعة القوارب في موقع مردوخ كانت في وضع الإعداد للإنزال لحظة الغرق.
هذا الضابط الاسكتلندي، المولود عام 1873، لم يكن الشخصية الشريرة التي صورها الفيلم. وصفه زملاؤه بأنه "موثوق وكفء"، وكان يمتلك 16 عامًا من الخبرة البحرية.
خلال الكارثة، نجح في إنزال 11 قارب نجاة أنقذت 436 شخصًا، أي حوالي 75% من الناجين.
وفقًا لتحليل الخبراء، كان طاقم مردوخ يستعد لإنزال قارب آخر عندما غمر الماء الجانب الأيمن.
وأكد الضابط الثاني تشارلز لايتولر، أعلى ضابط نجا من الحادث، أن مردوخ جُرف بالماء قبل أن يتمكن من إتمام المهمة.
فيلم وثائقي جديد بعنوان "تايتانيك: البعثة الرقمية" كشف أن مردوخ اتبع سياسة مرنة، إذ سمح للرجال بالصعود إلى القوارب عندما لم يكن هناك نساء أو أطفال، مما أنقذ عشرات الأرواح الإضافية.
لم تقتصر قصص التضحية على مردوخ. الوثائقي سلط الضوء أيضًا على بطولة عمال المحركات والغلايات الذين بقوا في أسفل السفينة حتى النهاية، مدركين أنهم يضحون بحياتهم لإنقاذ الآخرين. بفضل التكنولوجيا الحديثة، تمكن المؤرخون والمهندسون من إعادة بناء اللحظات الأخيرة للسفينة، ليكشفوا الحقيقة ويعيدوا الاعتبار لمردوخ، الذي لم يكن جبانًا أو قاتلاً، بل بطلاً حاول إنقاذ أكبر عدد ممكن حتى آخر لحظة.