واقع مناطق الدروز في سوريا بعد سقوط نظام الأسد: تحليل موضوعي وحلول مقترحة

الرؤية المصرية/ كتب: عوض سلام// بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، دخلت سوريا مرحلة انتقالية معقدة، تتسم بفراغ أمني، تحديات سياسية، وتوترات طائفية.

واقع مناطق الدروز في سوريا بعد سقوط نظام الأسد: تحليل موضوعي وحلول مقترحة

الدروز، الذين يشكلون حوالي 3.2% من سكان سوريا (700,000 إلى 800,000 نسمة)، يتركزون بشكل رئيسي في محافظة السويداء (جبل الدروز)، وبعض المناطق القريبة من دمشق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا، إلى جانب جيوب في إدلب والقنيطرة.

موقع الدروز الجغرافي بالقرب من الحدود مع إسرائيل والأردن يجعلهم لاعبًا استراتيجيًا في الصراع السوري، بينما يواجهون تحديات أمنية وسياسية في ظل الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني).

اقرأ ايضأ:-

هنا نستعرض واقع مناطق الدروز، تحليل الأسباب الكامنة وراء التوترات التي يواجهونها، ونقدم حلول مقترحة لإنهاء الأزمة، بعيدًا عن الانحياز السياسي أو الأيديولوجي.

يعتمد التحليل على تقارير موثوقة ومنشورات على منصة X حتى 30 مايو 2025.

الوضع الأمني في مناطق الدروز

  • الفراغ الأمني وتصاعد العنف

بعد انهيار الجيش السوري والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد، شهدت مناطق الدروز فراغًا أمنيًا كبيرًا، خاصة في السويداء.

هذا الفراغ سمح لميليشيات محلية، بعضها مرتبط بهيئة تحرير الشام (HTS) وبعضها مستقل، بالعمل بحرية، مما أدى إلى توترات طائفية: 

  • أحداث جرمانا وأشرفية صحنايا: في أواخر أبريل وأوائل مايو 2025، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 101 شخص، منهم 71 درزيًا، في مواجهات طائفية أثارتها تسجيلات صوتية نُسبت إلى عالم درزي (مروان كيوان) تحتوي على إهانات دينية، ورغم أن وزارة الداخلية السورية أكدت أن التسجيلات مزيفة، لكنها أدت إلى هجمات من ميليشيات سنية.
  • السويداء: شهدت احتجاجات واشتباكات، بما في ذلك اقتحام ميليشيات درزية لمكتب المحافظ مصطفى البكور في مايو 2025، وطرده بسبب فشله في توفير الأمن، وهذه الأحداث عكست استياءً من ضعف الحكومة الانتقالية في فرض السيطرة.

تشكيلات عسكرية درزية

للتصدي للفراغ الأمني، شكّل الدروز ميليشيات مثل "درع السويداء" و"رجال الكرامة" و"كتيبة الفجر" لحماية مناطقهم، وهذه التشكيلات تبنت مواقف متنوعة:

  • رفض الحكومة الانتقالية: دعت فصائل مثل "درع السويداء" إلى نظام فدرالي يمنح السويداء استقلالًا إداريًا، معبرة عن عدم ثقة في الحكومة الجديدة بسبب خلفية الشرع الجهادية.
  • تعاون حذر: "رجال الكرامة"، بقيادة باسم أبو فخر، قبلت التنسيق الأمني مع دمشق، لكنها اشترطت إدارة الأمن من قبل أبناء السويداء.
  • حياد تقليدي: تاريخيًا، حافظ الدروز على حياد نسبي خلال الثورة السورية منذ 2011، لكن الفراغ الأمني دفع بعض الفصائل إلى مواقف أكثر تصلبًا.

العلاقة مع الحكومة الانتقالية

الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، الذي كان قائد جبهة النصرة سابقًا، حاولت كسب ثقة الأقليات عبر تصريحات ولقاءات مع زعماء دروز، مثل الشيخ حكمت الهجري ووليد جنبلاط، مؤكدة التزامها بحماية الطوائف. لكن التحديات تشمل:

  • عدم الثقة: الشيخ حكمت الهجري أعرب عن قلق عميق، قائلاً إن الطائفة في مرحلة "نكون أو لا نكون"، مشيرًا إلى غياب اتفاق مع النظام الجديد.
  • ضعف السيطرة الأمنية: فشلت الحكومة في ضبط الميليشيات غير المنضبطة، مما ساهم في أعمال عنف مثل تلك في جرمانا.
  • جهود الحكومة: أعلن الشرع عن مؤتمر حوار وطني في يناير 2025 بمشاركة 1200 شخصية، بما في ذلك ممثلون عن الأقليات، لكن هذه الجهود لم تُترجم بعد إلى استقرار في مناطق الدروز.

الاستغلال الإسرائيلي

التدخل العسكري

  • استغلت إسرائيل سقوط الأسد لتعزيز نفوذها في جنوب سوريا، خاصة بالقرب من الجولان المحتل، واحتلت إسرائيل حوالي 400 كيلومتر مربع من الأراضي السورية، بما في ذلك جبل الشيخ، مدعية حماية الدروز من هجمات محتملة.
  • في مايو 2025، نفذت أكثر من 20 غارة جوية على مواقع عسكرية، مدعية استهداف أسلحة قد تقع في أيدي "جماعات متطرفة".
  • تبرير التدخل: قدمت إسرائيل تدخلها كدفاع عن الدروز، مستغلة صلاتها مع الدروز في إسرائيل، بما في ذلك عرب 48.
  • الشيخ موفق طريف، زعيم الدروز في إسرائيل، دعا إلى حماية الدروز السوريين، ونظّم زيارة لمشايخ دروز سوريين إلى إسرائيل في مارس 2025.

ردود الفعل: أثار التدخل انقسامات:

فصائل مثل "رجال الكرامة" رفضت الحماية الإسرائيلية، معتبرة أنها محاولة لاستغلال الطائفة، بينما رحّب البعض بالدعم في ظل التوترات الأمنية.

الأهداف الإسرائيلية :

  • حزام أمني: تسعى إسرائيل لخلق "حزام أمني اجتماعي" في جنوب سوريا عبر دعم الدروز.
  • إضعاف الحكومة: تستهدف الغارات تقليص القدرات العسكرية للحكومة الانتقالية.
  • منافسة النفوذ التركي: تواجه إسرائيل النفوذ التركي المتزايد في سوريا.

مخاوف الدروز وردود فعلهم

الخوف من العنف الطائفي

  • يشعر الدروز بتهديد وجودي بسبب أعمال العنف الطائفي، مثل هجمات جرمانا وأشرفية صحنايا، ووصف الشيخ حكمت الهجري هذه الهجمات بـ"حملة إبادة غير مبررة".
  • منشورات على X، مثل تلك من @A_for_Vendetta7، قالت أن الدروز يواجهون "تهديدًا وجوديًا"، مع إشارات إلى إحراق منازل درزية في قطنا، لكن لم تُدعم بتقارير مستقلة.

الاستنجاد بعرب 48 والدروز في إسرائيل

  • الصلات الثقافية والدينية مع الدروز في إسرائيل، بما في ذلك عرب 48، شجعت بعض الدروز السوريين على طلب الدعم، ودعوات موفق طريف لحماية الدروز السوريين عززت هذا التواصل.
  • وقد اعتبر البعض هذا الاستنجاد استغلالاً إسرائيليًا، بينما يراه آخرون استجابة للتهديدات الأمنية، بينما زعماء دروز في حضر (القنيطرة) نفوا رغبتهم في الانضمام إلى إسرائيل، مؤكدين تمسكهم بوحدة سوريا.

دور وسائل التواصل الاجتماعي

  • لعبت منصة X دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام، فمنشورات مثل تلك من @nm_iq1 تحدثت عن انتصارات درزية، بينما فيديوهات مثل تلك التي تُظهر مظاهرات ضد الشرع، قالت BBC أنها حملات تضليل من شبكات في العراق والسعودية وتركيا.
  • إلى جانب منشورات مثل تلك من @bashaer165 سخرت من مواقف الدروز، مما يعكس التوترات الاجتماعية.

حلول مقترحة لإنهاء الأزمة

لمعالجة التحديات التي تواجه الدروز وإنهاء التوترات في مناطقهم، يمكن اقتراح الحلول التالية:

  • تعزيز الأمن المحلي: يجب على الحكومة الانتقالية دمج فصائل مثل "رجال الكرامة" في قوات أمن محلية رسمية، مع منح السويداء سلطة إدارية أمنية موسعة تحت إشراف دمشق، هذا سيقلل من التوترات ويعزز الثقة.
  • إرسال قوات أمنية مشتركة تضم ممثلين عن جميع الطوائف إلى مناطق الدروز لمنع العنف الطائفي.
  • إطلاق حملات إعلامية مدعومة من الحكومة ومنظمات دولية لتفنيد المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، مع التركيز على تعزيز الوحدة الوطنية.
  • تقليص النفوذ الإسرائيلي: يجب على الحكومة الانتقالية والمجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية، مع ضمان حماية الدروز من خلال آليات داخلية بدلاً من التدخل الأجنبي.
  • التعاون الإقليمي: تشجيع دول مثل الأردن ولبنان، حيث توجد مجتمعات درزية، على لعب دور وساطة لدعم استقرار السويداء دون تدخل عسكري.
  • دعم اقتصادي: تخصيص ميزانيات لإعادة إعمار البنية التحتية في السويداء، مع توفير فرص عمل للشباب الدروز لتقليل التوترات الاجتماعية. 
  • برامج إغاثة: التعاون مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية فورية للدروز النازحين أو المتضررين من العنف.