في الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان...السينما: سيف الحق في عالم يتجزأ

#حقوق_لا_تتجزأ #سينما_المقاومة #مهرجان_تونس

في الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان...السينما: سيف الحق في عالم يتجزأ

الرؤية المصرية- متابعة: عوض سلام:- في قلب تونس، حيث انبثقت ثورة 2011 من رحم الكرامة، اجتمع مخرجون وناشطون وحقوقيون في ندوة فكرية ضمن الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان، ليؤكدوا أن "الحقوق لا تتجزأ"، وأن السينما ليست مجرد فن، بل سلاح أخلاقي يقاوم التجزئة والنسيان.

افتتحت ريم بن منصور، رئيسة جمعية ACTIF، الندوة بتأكيد فلسفي: الحرية ناقصة دون مساواة، وحقوق المرأة متصلة بالمدنية، والطفل يذبل في عالم الحرب. ثم أعلنت أن الصورة المتحركة قادرة على إيقاظ الضمائر، فالفن السابع ليس ترفاً، بل أداة تفكير وأمل.

في الجزء الأول، رسمت مريم بوجلبان من منظمة العفو الدولية لوحة قاتمة لأزمة حقوقية عالمية: صعود اليمين المتطرف في أمريكا، صمت دولي أمام مجازر غزة والسودان واليمن ولبنان والكونغو.

وفي تونس، انتهاكات لحرية التعبير عبر المرسوم 54، قمع التظاهر السلمي، وتلوث بيئي في قابس يصرخ صمت السلطة. هنا، يصبح الحق متجزئاً بالتواطؤ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان مجرد حبر على ورق.

أما إيمان محمدي من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فكشفت كيف تؤثر التغيرات السياسية والمناخية على النساء، مستندة إلى قانون 58 لسنة 2017.

وروت عن فيلم "ما وراء الواقع" لبشير بوزيان، الذي يتبع مصممة أزياء تواجه عنفاً جسدياً وجنسياً ورقمياً، ضمن مشروع "تونس مدينة آمنة". 

هنا، تتحول السينما إلى مرآة فلسفية تعكس الواقع المقموع، وتدعو لفضاء عام آمن، مستلهمة أفكار هانا آرنت عن "الفضاء العمومي" كمكان للحرية المشتركة.

انتقل الجزء الثاني إلى "السينما والذاكرة والمقاومة"، حيث أصبحت الكاميرا سيفاً أدبياً. المخرج التونسي الهادي كريسعان، المقيم في إيطاليا، روى تحولاً وجودياً: من ممثل يُجسد "المهاجر الفوضوي" في أدوار نمطية، إلى مخرج يستخدم السينما ليروي قصص المهاجرين بصوتهم.

 في فيلمه "الوديعة"، يربط الفلسطيني بشجرة الزيتون رمزاً للصمود، مقاوماً حملات التشويه المدعومة مالياً في الغرب.

يستذكر كريسعان نيتشه: "الحقيقة قناع"، لكن السينما تخلعه، رغم معاناة المستقلين من قلة الدعم، فالحرية تكلف. 

من إسبانيا، ضيف الشرف، جاءت إيمانويلا زوكا مديرة Humen Fest لتكشف تناقضاً: رغم القرب الجغرافي من شمال أفريقيا، تفتقر مهرجاناتها إلى ثراء تونس في تنوع الأفلام الأفريقية.

مهرجانها يركز سنوياً على محور، كـ"تحقيق السلام" في 2025، و"حقوق الطفل" في 2026، موجهاً للتلاميذ والجمعيات، مستلهماً أفكار جون ستيوارت ميل عن الحرية كأساس للعدالة.

في هذا الحوار، تبرز السينما كفلسفة حية: ليست تسلية، بل فعل مقاومة يجمع الذاكرة بالمستقبل، مستوحاة من والتر بنيامين الذي رأى في الفن أداة لإنقاذ التاريخ من النسيان.

الندوة، بتنظيم ACTIF وشبكة أنهار، ليست مجرد لقاء، بل دعوة أونتولوجية للعمل الجماعي، حيث يصبح الفيلم جسراً بين الشعوب، يحارب التجزئة بصور تتجاوز الحدود.

لكن، في عالم يغلب فيه الصمت، هل تكفي الصورة لإيقاف المجزرة؟ أم أن السينما، كما قال كريسعان، انتصار للقضايا العادلة يبدأ من شاشة صغيرة ليغير العالم؟