«الملجأ» الأردني يُفجّر قنبلة مسرحية في قرطاج: قبو مهدّد يتحوّل إلى مرآة للنكبة المستمرة

#أيام_قرطاج_المسرحية #الملجأ_الأردن #مسرح_المقاومة #فلسطين_على_الخشبة

الرؤية المصرية:- تونس – في أقوى لحظات المسابقة الرسمية للدورة 26 من أيام قرطاج المسرحية، حوّل العرض الأردني «الملجأ» المسرح الصغير بقاعة الفن الرابع إلى قبو حقيقي يهتزّ مع كلّ صوت قصف وهمي، ويترنّح مع كلّ صراخ ممثل يبحث عن مخرج من متاهة الحرب العربية الراهنة.

ستة ممثلين فقط، لكنّهم أشعلوا الخشبة بفوضى عبثية مدروسة بدقة: يحاولون تمرين نص تراجيدي يوناني داخل ملجأ متداعٍ، بينما تقتحم الواقع أصوات القذائف ونباح الكلاب السائبة وصفارات الإسعاف، ويدخل «غرباء» يطالبون بإخلاء المكان. الحارس الذي يدّعي أنه مدير المسرح (منذر خليل بأداء مذهل) يفقد السيطرة تماماً، والممثلون يتأرجحون بين شخصيات أسطورية وأنفسهم المفزوعة، يصرخ أحدهم «الوقت مكان، الوقت زمان»، ليؤكد أن الفنان لا يستطيع العيش في فقاعة بينما المدينة كلها تتحول إلى مسرح حرب.

الإيقاع محموم، الحركة مضطربة، التداخلات متعمّدة حتى الاختناق. لا فصل بين التمرين والواقع، بين خشبة المسرح ومسرح الحياة، بين الأسطورة اليونانية والمأساة الفلسطينية المعاصرة. في الدقائق الأخيرة يُفتح صندوق قديم، تخرج منه أوراق صفراء تحكي قصة مستثمر أجنبي جاء بفرقة غربية ليحتل المسرح ويطرد أصحابه الأصليين... الرسالة تنفجر في وجه الجمهور: المسرح هو الأرض، والأرض هي المسرح، ولا نص اليوم إلا نص القضية الفلسطينية.

كتب النص الشاعر والكاتب المسرحي الأردني نجيب نصير، وأخرجته سوسن دروزة بذكاء يجمع بين الدقة الإخراجية والغضب السياسي المكبوت، وقدّم الأدوار ببراعة سنابل ضمرة، ثامر العساف، منذر خليل، حلا سامي، يوسف الشوابكة، عبد الله خليل، ومحمد مغاريز، ليصنعوا معاً واحداً من أقوى العروض العربية التي مرّت على قرطاج في السنوات الأخيرة. 

انتهى العرض بتصفيق حارّ وطويل، ووقوف الجمهور، لكن السؤال الأكبر بقي معلقاً في الهواء: متى سنخرج نحن أيضاً من ملاجئنا الحقيقية؟