فقد كانت المدينة، ذات الهواء البارد والدافئ في آن واحد، ذات يوم جزءًا من إمبراطورية ماسينيسا القوية، وكانت موطنًا للعديد من الثقافات والأديان والأعراق المختلفة طوال تاريخها الطويل.
إنها مدينة قبلي أو نافازاوا،(513 كلم جنوبي العاصمة التونسية) مدينة نائمة، غامضة تقع على حافة الصحراء الكبرى، وهي ملاذ هادئً وسط الكثبان الرملية للصحراء.
وقد كانت عودة المهرجان الدولي للتمور في قبلي في دورته الثامنة والثلاثين، نافدة على هذه المدينة الهادئة الواقعة على حافة الصحراء في تونس، وتكشف لماذا تستحق الزيارة؟.
هذا المهرجان النابض بالحياة وبثقافة وتاريخ هذه المنطقة باستعراض الأنواع المختلفة من التمور المتاحة، وكان أيضا فرصة لمشاهدة العروض التقليدية، والتعرف على الحرفيين المحليين.
وإذا كان المهرجان يتميز بمجموعة واسعة من الأنشطة مثل العروض التقليدية والموسيقى والرقص والمسابقات الثقافية، فإنه لم يخف هواجس صعوبات تصدير التمور، ومشكلات الصناعات التحويلية لها، إضافة إلى ما يتهدد تلك الزراعات من الجفاف وملوحة المياه، وندرة الأمطار خاصة مع التغييرات المناخية.
كل هذا، دفع منظميه إلى الاجتماع بحضور ممثلين عن هياكل الإشراف، على امتداد أربعة أيام، هي عمر المهرجان، للبحث في هذه الإشكاليات .
الندوة العلمية كانت فرصة ليتعرف الزائرون العرب على الآلية ذات الخصوصية التونسية التي يتم بها تلقيح النخيل للحفاظ على جودة الإنتاج وتوفير الجهد والوقت والمال.
وبينما يتباحث المؤتمرون في معضلات حقيقية، كان على الجانب الآخر من المهرجان فسحة من الرقص والأهازيج ضمن استعراضات وثقافات متعددة من مصر والجزائر وليبيا، إلى جانب مخزون التراث التونسي، ليكون فضاء الرحبة بمدينة قبلي لوحة فسيفسائية لثقافات شمال أفريقيا، وكأن المدينة تسترجع الثقافات والحضارات التي مرت على ترابها.
وحرصا على أن تكون صورة البلاد التونسية في إطارها المستحق، فقد استعانت الهيئة المديرة لمهرجان قبلي الدولي للتمور بكفاءات نجحت باقتدار فى إبراز المخزون الثقافي والتاريخي للمدينة.
قبلي، مدينة قبلية تقع في جنوب غرب تونس، لها تاريخ غني ومتنوع يمتد إلى قرون.
شهدت المدينة فترات ازدهار وفترات ضعف، مع تذبذب سكانها بمرور الوقت.
في القرن الثامن دمرت المدينة مرتين على يد جيوش البايات الأوائل.
كل هذا حرصت إدارة مهرجان قبلي الدولي للتمور على إبرازه لزائري المدينة فكانت زيارات إلى أول جامع شيده الفاتح الإسلامي، عقبة بن نافع، قبل أن يتجه إلى مدينة القيروان لتأسيس جامعه المعروف، وكأنما قبلته تقول : ليس من ماتَ فاستراحَ بميتٍ، إِنما الميتُ ميتُ الأحياءِ.
ومنطقة الدبابشة التي تقف شاهدا على أعجوبة تكلس ديار قبيلة فطناسة بعد أن هجروها، فأصبحت اثرا بعد عين.
كما ساهمت وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية في استكمال وتركيز شبكة إضاءة للمعالم الأثرية، ليحط الزائر الرحال في قبلي القديمة، وهي وجهة سياحية شهيرة بها العديد من عوامل الجذب للزوار لاستكشافها.
توفر قرية قبلي القديمة للسائحين فرصة للتعمق في ذاكرتها الجماعية واكتشاف أصولها.
بفضل ثقافتها النابضة بالحياة وتاريخها المثير للاهتمام ومناظرها الطبيعية الجميلة، تعد قبلي وجهة مثالية لأولئك الذين يسعون لاستكشاف مدينة قبلية فريدة من نوعها في تونس.
بالإضافة إلى أهميتها التاريخية، تفتخر قبلي أيضًا بالمناظر الطبيعية الخلابة والمناظر الطبيعية التي تجعلها مكانًا مثاليًا للأنشطة الخارجية مثل المشي لمسافات طويلة والتخييم.
ومع تراثها الغني ومناظرها الخلابة، من المؤكد أن قبلي ستقدم تجربة لا تُنسى لكل من يزورها!