الرؤية الإخبارية المصرية: المعمرة العراقية البالغة من العمر134 عاما، روشي قاسم عاصرت انتهاكات تنظيم "داعش" ضد طائفتها الأيزيدية شمالي العراق.
"روشي" تتمتع بذاكرة متخمة بقصص الحرب والإبادة التي عاصرتها منذ الحقبة العثمانية مرورًا بالانتداب البريطاني، ثم فترة الحكم الملكي والجمهوري وفصول الأزمات والحروب التي ضربت بلادها، لا سيما الأخيرة مع تنظيم داعش، التي تقول إنها الأكثر فظاعة.
وداخل خيمتها في مخيم "كبرتو" للنازحين الأيزيديين على أطراف مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق؛ تقضي الجدة الأيزيدية أيامها بعد نزوحها مكرهة من قضاء سنجار غرب محافظة نينوى بشمال العراق، الذي اجتاحه "داعش" في صيف عام 2014.
يستعد أحفاد المعمرة الأيزيدية العراقية لإدراجها في موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية؛ فهم يعتقدون أنها أكبر معمرة على كوكبنا بعد وفاة رجل عراقي آخر كان قد بلغ أكثر من 100 عام، هو "حنون الغالبي" من محافظة ميسان جنوبي البلاد.
عاشت الجدة روشي قاسم كأسلافها الأيزديين تحت الحكم العثماني خاصة في أواخره، وبدأت معاناتهم بفتاوى عثمانية منذ القرن السادس عشر، وضعت كأطر تشريعية وعسكرية أباحت الدم الأيزيدي.
ولا تزال "روشي" تتذكر كيف كانت القوات العثمانية تقتحم قرى طائفتها تحت جنح الظلام، فيقتلون مَن فيها وينتقلون إلى أخرى؛ فيما يُكتب للمحظوظين القلائل النجاة من هول المجازر وسرد شهاداتهم.
وتنقل المعمرة عن والدها تفاصيل مجزرة أيوب بك العثماني سنة 1891، وكانت حينها تبلغ 5 سنوات، ووصف لها كيف كانت تنهال سيوف العثمانيين على رقاب الأيزيديين دون رأفة بصرخات الأطفال والرضع، وتلتها حملة عمر وهبي باشا سنة 1892، ثم حملة بكر باشا سنة 1894.
وتقول "روشي" إنها شهدت 7 مجازر ارتكبها الأتراك بحق طائفتها؛ إذ قتل العثمانيون آلاف الأيزيديين، إلى جانب ملاحقتهم أثناء مجازر الأرمن في القرن الماضي؛ لا سيما أن العثمانيين هددوا بقتل الأيزيديين في جبال سنجار إن لم يسلموهم العائلات الأرمنية الفارة من حملات الإبادة.
وكانت تلك العائلات قد استنجدت بالأيزيديين الذين أغاثوهم وآووهم، ورفضوا تسليمهم إلى العثمانيين، الذين ارتكبوا بحقهم آخر مجزرة كانت على يد إبراهيم باشا، بعد 3 سنوات من الحملة العثمانية بحق الأرمن.
وكانت الطائفة الأيزيدية، قد تعرضت في صيف 2014 في موطنها التاريخي في سنجار لمذبحة مروعة على يد "داعش"، الذي حوّل الآلاف من نسائها إلى سبايا وأطفالها إلى جنود، في فظائع صنفتها الأمم المتحدة على أنها "إبادة جماعية".
وتحدثت تقارير منظمة الأمم المتحدة عن استرقاق "داعش" لأكثر من 6500 امرأة وطفل من الأيزيديين؛ فيما شرد العنف أكثر من 350 ألفًا منها في مخيمات اللجوء شمالي العراق، ولا يزال أكثر من 120 ألفًا ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب إعادة بناء حياتهم من جديد؛ لا سيما الناجيات العائدات من سجون "داعش".
وراح ضحية المجازر الداعشية في جبال سنجار 5 آلاف قتيل على الأقل، إلى جانب عدد كبير من المفقودين.