سيدة داعش الأولى، تانيا جورج لاس، الزوجة السابقة لجون جورج لاس، أحد أكبر قادة التنظيم الأمريكيين، وهو المتهم بالتخطيط والتدبير للعديد من الهجمات التي وقعت في الولايات المتحدة، وغيرها من دول أوروبا.
الفيلم الذي استغرقت مدته 11 دقيقة، تانيا تحدثت عن علاقتها بزوجها، وكيف أصبحا من أكبر مؤيدي داعش في العالم، وعن رغبتهما في تأسيس عائلة كبيرة، وتربية أبنائهما لكي يكونوا جنوداً أو قناصين للانضمام إلى جماعات مسلحة.
وتحكي تانيا، والتي لقبتها مجلة (ذي اتلانتيك) الأمريكية بـ (سيدة داعش الأولى)، أنها من أصول بنغالية مسلمة هاجرت إلى العاصمة البريطانية لندن، وعاشت هناك في ظروف قاسية جداً، وواجهت أقسى أشكال العنصرية، وقالت: "كان لدينا جيران عنصريين وسيئين جداً، كانوا يكسرون نوافذ منازلنا، وينعتوننا بأسوأ الشتائم".
شعورها بأنها تعيش غريبة في بلدها، عزز بداخلها الشعور بعدم الانتماء شيئاً فشيئاً، حتى وقعت أحداث أبراج التجارة العالمية في 11 أيلول.
وتقول: "كنت في عامي السابع عشر وقتذاك، وذهبت للمدرسة في اليوم التالي، وكنت أتحدث مع زملائي عن بشاعة ما حدث في نيويورك، فتعاملوا معي وكأني متهمة، وفي هذه اللحظة علمت أني أرغب في الجهاد في سبيل الله"، وفق تعبيرها.
وبعد عامين، شاركت تانيا في مسيرة للتنديد بالغزو الأمريكي للعراق، وهناك عثرت على ورقة مكتوب عليها عنوان موقع إلكتروني لزواج المسلمين، فأنشأت حساباً، وتعرفت على جون وبدأت علاقتهما، في البداية كانا يتحدثان عن (الجهاد)، ثم نشأت قصة حب بينهما، وتزوجا، وأنجبا طفلهما الأول.
جون جورج لاس، مولود في تكساس الأمريكية عام 1983، ولكنه اختار لنفسه كنية "يحيى أبو حسام" بعد انضمامه إلى داعش، وكان أحد المقربين لأبو محمد العدناني، المُتحدث باسم التنظيم، وأحد خبرائه الاستراتيجيين، والشخص المسؤول عن العمليات الأجنبية.
كان جون أحد أسباب إقبال المقاتلين الأجانب على التنظيم، وذلك لقدرته على التواصل مع عدد كبير جداً من الشباب في البلاد الأجنبية، بالإضافة إلى قدرته على الاقناع باستخدام أساليب منطقية، بحسب أغلب من عرفوه.
ساءت أحوال جون وتانيا كثيراً، وقررا ترك لندن والذهاب إلى تكساس للعيش مع عائلته، الميسورة الحال، لمساعدتهم على تربية أبنائهما، وفي هذه الفترة عمل على دعم المتعاطفين مع تنظيم القاعدة على الإنترنت، واستغل مهارته في التعامل مع الشبكات والمواقع الإلكترونية في الدخول لموقع خاص بلجنة أمريكية إسرائيلية، و تم الحكم عليه بالسجن 34 شهراً، بحسب ما أوردته شبكة (سكاي نيوز) الإخبارية.
عقب الخروج من السجن، جون قرر الانتقال مع عائلته إلى بلد عربي، وحاول في البداية الذهاب إلى ليبيا، ولكنه لم يستطع، وذهب بصحبة زوجته وأولاده إلى مصر، وعاشوا فيها حتى عام 2013، ثم سافروا إلى تركيا، ومن هناك عزم أمره بالذهاب إلى سوريا.
وتقول تانيا: "رغبت في الذهاب معه إلى سوريا، ولكن كان لديّ ثلاثة أطفال، وحامل في الرابع، وحالتي الصحية لم تكن جيدة"، مُشيرةً إلى أنها "كانت تدعم المعارضين السوريين، ورغبت في أن ينتصروا على بشار الأسد، إلا أنها لم تريد أن تتواجد في منطقة نزاع، مع أربعة أطفال صغار".
وبالفعل نجحت العائلة في الوصول إلى سوريا، وذلك بعد اتفاقه مع مُهرب أن ينقلهم عبر الحدود التركية السورية، وفق المجلة.
وبعد الشهر الأول في سوريا، ساءت أحوال تانيا الصحية، وقرر جون إخراجها من هناك، ونقلها إلى لندن، ومن هناك إلى أمريكا لوضع نجلهما الرابع، ثم انفصلت عنه بحكم من المحكمة، وحاولت بدء حياة جديدة.
شعرت تانيا بالتشتت، ولم تعرف ماذا تفعل في حياتها بعد العودة إلى أمريكا، وتقول:" خسرت حياتي، فزوجي كان كل حياتي، كما أني أنجبت أطفالي الأربعة لكي يصبحوا (مجاهدين)، وفي تلك اللحظة لم أعرف ماذا عليّ أن أفعل بهم".
تعرفت تانيا بعد فترة على شخص يُدعى جيب، وأخبرته عن كل شيء في حياتها، وارتبطت به، وقرر هو أن يساعدها هي وأبناءها على تجاوز ما عاشوه.
وتشير إلى معانتها بعد توصلها لقرار بالتخلي عن الديانة الإسلامية، قائلةً: "حاولت العثور على ديانة أخرى تحتويني بعد أن تركت الإسلام، واعتقنت المسيحية، وأتردد الآن على الكنيسة باستمرار".
وتُرجح تانيا أن زوجها السابق ما يزال في سوريا، وأنه لن يغادرها أبداً، مُشيرة إلى أن الخسائر التي تعرض لها التنظيم في سوريا والعراق، وتشتت مقاتليه، ومحاولات الأجانب العودة إلى أوطانهم، لن تغير من موقفه شيئاً، فخلال علاقتهما، التي استمرت نحو عشرة أعوام، كان يُخبرها بأن الشهادة في سبيل الله هي حلمه الوحيد، وأمله في الحياة.