في عيد الشغل: اتحاد عمال تونس يصمد لأجل الحقوق ويواجه غلاء المعيشة

الرؤية المصرية:-في أجواء مشحونة بالحماس النضالي والروح الاحتفالية، احتفل اتحاد عمال تونس يوم الأربعاء، الأول من ماي 2025، بالعيد العالمي للشغل، متزامنًا مع الذكرى الرابعة عشرة لتأسيسه.

تجسدت المناسبة في تجمع نقابي ومسيرة جماهيرية عارمة انطلقت من أمام المقر المركزي بنهج أثينا بالعاصمة، عابرة شارع باريس لتصل إلى شارع الحبيب بورقيبة، حيث صدحت أصوات الشغالين بهتافات الوحدة والمطالبة بالحقوق.

كانت المسيرة لوحة حية للإرادة الشعبية، حيث توافد النقابيون من مختلف القطاعات والجهات، حاملين شعاراتهم التي عبرت عن تمسكهم بمكتسباتهم الاجتماعية ورفضهم لتدهور الأوضاع المعيشية.

صوت النقابة: الكرامة أولوية لا تُمس


ألقى السيد لطفي الشتمي، الأمين العام المساعد وعضو المكتب التنفيذي، كلمة الاتحاد الرسمية، مستعرضًا بيان المكتب التنفيذي الذي حمل مواقف صلبة ومطالب واضحة. ركز البيان على الأزمة الاجتماعية المتفاقمة، مطالبًا بزيادة عاجلة في الأجور والمنح لمواجهة الارتفاع الجنوني في الأسعار وتدهور القدرة الشرائية.

 كما أكد على احترام الدستور وحق التعددية النقابية، رافضًا أي محاولات للإقصاء أو التمييز بين المنظمات النقابية. دعا الاتحاد إلى إصلاح جبائي عادل يخفف العبء عن الطبقات المتوسطة والفقيرة، ويحمّل أصحاب الثروات مسؤوليتهم الوطنية.

وشدد على ضرورة تشريع قانون ينظم عقود الشغل ويحد من التشغيل الهش، معتبرًا أن هذا النوع من الاستغلال يهدد كرامة العمال واستقرارهم. لم يغفل البيان عن التأكيد على التشبث بالحريات العامة وحرية الصحافة، كمكتسبات لا تقبل المساومة في مسيرة تونس الديمقراطية.

سيمفونية الشارع: هتافات الوحدة

تحولت المسيرة، التي انطلقت عقب الكلمة الرسمية، إلى كرنفال احتجاجي صاخب، حيث صدحت أصوات النقابيين من كل الفئات، نساء ورجال، شباب وكبار، وهم يرفعون شعارات قوية مثل: "نريد أجورًا عادلة... لا صدقات"، "الشغل حق دستوري... لا للتهميش النقابي"، "كرامتنا فوق كل اعتبار". كانت المسيرة تعبيرًا عن وحدة الصف النقابي داخل اتحاد عمال تونس، الذي أثبت حضوره كقوة شعبية لا تُقهر في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. المشاركون، ممثلون حقيقيون لقاعدتهم العمالية، جسدوا روح النضال التي ولد منها الاتحاد عام 2011، مؤكدين أن الشغل حق والكرامة أولوية.

رسائل إلى السلطة: حوار أم تصعيد
وجّه البيان رسائل مباشرة إلى الحكومة ومجلس النواب، داعيًا إلى تحمل المسؤولية في تعديل الأجور، إصدار تشريعات تحمي العمال، وفتح حوار اقتصادي واجتماعي شامل يضم المنظمات النقابية دون إقصاء. كما أعرب الاتحاد عن دعمه الثابت لنضالات الشعب الفلسطيني، رافضًا أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، في موقف يعكس التزامه بالقضايا العادلة عالميًا.

أربعة عشر عامًا من الاستقلال النقابي

اتحاد عمال تونس، الذي تأسس من رحم ثورة 2011، أكد في هذه المناسبة أنه منظمة مستقلة، لا تخضع للإملاءات السياسية، وتنحاز فقط إلى مصالح الشغالين. اختتم السيد لطفي الشتمي كلمته بكلمات تحمل روح المقاومة: "نحن لسنا مجرد تنظيم... نحن وجدان الشغال، نبض الوطن، وضمير من نُهشَت كرامتهم باسم التقشف والسياسات الظالمة. وسنواصل المعركة حتى آخر نفس".

صوت لا يخمد
في عيد الشغل 2025، لم يكن اتحاد عمال تونس مجرد منظمة تحتفل بذكرى تأسيسها، بل كان نبض الشعب الذي يرفض الظلم ويطالب بالكرامة. من نهج أثينا إلى شارع بورقيبة، كانت المسيرة رسالة واضحة: لا تراجع عن الحقوق، ولا صمت أمام غلاء المعيشة. ومع كل خطوة، كان الاتحاد يرسم مستقبلًا يليق بتونس الثورة، تونس الكرامة والعدالة.