ودون حروب مرتقبة يبقى الأمن القومي، مهددا بتلك الأنفاق، حيث العلاقات أصبحت ملتهبة بين المُستوطنين على الحدود الشماليّة والجنوبيّة وبين الحكومة الإسرائيليّة، مُمثلةً بالجيش الإسرائيليّ، وتحديدًا بعد تقرير مراقب الدولة الأخير حول إخفاقات تل أبيب في معالجة الأنفاق الهجوميّة التي حفرتها وما زالت حركة حماس، بهدف تغيير ميزان القوى غير المتكافئ بين الطرفين.
لكن تلك الفرضيات الإسرائيلية، التي تعززها بعض جنرالات الجيش وتطالب بالتعامل، وبعض الجيولوجيين الذين لا يملكون أدلة على وجود تلك الأنفاق، تجعل القيادات الإسرائيلية تعيش هيستريا الرعب دون التوصل إلى حلول.
هيستريا عسكرية
الجنرال في الاحتياط، يفتاح شابير، المسؤول عن مشروع الميزان العسكريّ في الشرق الأوسط في معهد دراسات الأمن القوميّ-الإسرائيليّ، أكد على أنْ يكون حزب الله حفر أنفاقًا ليس في جانبه فحسب، بل وأيضًا تحت الحدود هو احتمال معقول، بينما يقول أنّ الجيش فحص ولم يجد حتى اليوم دليلاً على ذلك، لكن هذا الاحتمال موجود على الدوام، على حدّ تعبيره.
هيستريا جيولوجية
الجيولوجيّ والجنرال في الاحتياط يوسي لنغوتكسي – الذي كان يشغل منصب مستشار رئيس الأركان قبل 12 عامًا، آنذاك موشيه يعلون في موضوع محاربة تهديد الأنفاق، كان قد حذّر منذ أكثر من عشر سنوات المستويات السياسية والعسكرية من خطر ما يجري تحت الأرض في الجنوب.
والسيناريوهات التي رسمها، مثل خطف جنود ومحاولات خطف جنود، وعمليات هجومية تقوم بها “حماس″ بواسطة الأنفاق، تحققت.
علاوة على ذلك، كشف المُحلل أنّ الجيولوجيّ الإسرائيليّ قال لرئيس الأركان آيزنكوط إنّ ما هو مطلوب اليوم هو تحويل الأنظار في الاتجاه المعاكس، أيْ نحو حدود لبنان.
لنغوتكسي، شدّدّ على أنّه من غير الممكن عدم وجود أنفاق هناك، مشيرا إلى أنّ هذا أمرًا من السهل تنفيذه نسبيًا، وهو يُشكّل أداةً محتملةً يستطيع العدو بواسطتها الاحتفاظ بعنصر المفاجأة.
ومع ذلك، يستدرك الجيولوجيّ قائلاً إنّه صحيح أنّ الأنفاق لا تُعتبر أداةً يمكنها تحقيق الانتصار في الحرب، لكنّها قادرة على إحداث فوضى جديّة في إسرائيل، وحزب الله يعلم أنّ إسرائيل حتى هذه اللحظة لم تتوصّل إلى حلولٍ مناسبةٍ في الجنوب، لذا لا يوجد أيّ سبب يجعله لا يحاول تحدي الدولة العبريّة بواسطة الأنفاق في الشمال، على حدّ تعبيره.
مخاوف غير مؤيدة
لنغوتكسي وخبراء آخرون، يتحدّثون عن قدراتٍ موجودةٍ ومؤكّدةٍ للحزب في حفر الأنفاق في مناطق، تشبه من الناحية الجيولوجيّة وتتطابق مع تضاريس الأرض في الحدود بين إسرائيل وبين لبنان.
ويُضيفون بأنّه على ما يبدو حفر حزب الله واستخدم أنفاقًا على الحدود مع سوريّة، كما حفر شبكة أنفاق في جنوب لبنان أيضًا كجزءٍ من منظومةٍ قتاليّةٍ ضدّ إسرائيل
ومنذ حرب لبنان الثانية، أضاف الخبراء في إسرائيل، قام حزب الله بتحسين شبكة أنفاقه القتاليّة في المناطق المفتوحة وفي القرى الشيعيّة في جنوب لبنان، وشدّدّوا على أنّ التقدير اليوم هو أنّ الحرب المقبلة مع الحزب ستكون مصحوبةً بهجومٍ بالصواريخ وقذائف المدفعية على الجبهة الخلفية في إسرائيل، حيث من المتوقع سقوط أكثر من 1000 رأس متفجر يوميًا عليها، ومصحوبة بمحاولة حزب الله نقل جزء من القتال إلى أرض إسرائيل، واحتلالها، وأيضًا السيطرة على مواقع في قلب مستوطنات، وضرب شريان المواصلات في الشمال، وحتى خطف رهائن.
ورغم ذلك
وبرأي المُحلل، الذي اعتمد على مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، فليس هناك جواب قاطع لدى أحد في الجيش الإسرائيليّ، ولا لدى الهيئات الاستشاريّة للجيش في هذه المسألة، وبالتالي يجب أنْ تكون فرضية عمل الجيش الإسرائيليّ أنّه توجد أنفاق على الرغم من عدم وجود معلوماتٍ أوْ إثباتاتٍ على وجودها.
علاوة على ذلك، أشارت المصادر إلى أنّ الحفريات التجريبية التي قام بها الجيش بعد شكوى لسكان من الحدود الشمالية عن سماعهم ضجيج حفر، لم تؤد إلى العثور على شيء، وذلك بعد أنْ أشار السكان إلى مبان غير مفهومة أقيمت على بعد نحو 500 متر من خط الحدود، وشكّوا بأنّها مخارج أنفاق تمتد إلى داخل أراضي إسرائيل.
البحث عن الأنفاق
وشدّدّت المصادر على أنّ مَنْ يقوم بعلاج ودراسة هذه الشكاوى هو مدير أبحاث وتطوير وسائل القتال والبنى التكنولوجيّة التابعة لوزارة الأمن، حيث طالب المدير مشاركة جيولوجيين من بضع جامعات في إسرائيل، كما يعمل خبراء منذ سنوات على محاولة العثور على المنظومة التي تسمح لإسرائيل بالعثور مسبقًا على أنفاقٍ هجوميّةٍ، سواءً في الجنوب أوْ في الشمال.
وكانت الإذاعة العبرية أكّدت في تقريرٍ موسّعٍ حول هواجس أنفاق حزب الله وجود معلومات وتقارير تؤكّد ما لا يتحدث عنه الحزب، وهو شبكة أنفاق كبيرة جدًا منتشرة في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من نهر الليطاني، وإذا قورنت بما يحدث في غزة، فإنّ الأمر سيبدو كلعب أطفال مقابل ما يوجد لدى حزب الله، كما قال مصدر أمنيّ في تل أبيب. ولفتت الإذاعة إلى أنّ الحزب هو الذي استقدم تكتيك الأنفاق إلى منطقة الشرق الأوسط، أمّا من جهة حماس، فقد تعلمت هذا التكتيك منه، وخلُصت إلى القول إنّه كما هو معروف، يستخدم الحزب أسلوب الأنفاق منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ولديه خبرة تزيد على عشرين عامًا في هذا المجال، وهو الذي نقل هذه الخبرة إلى حماس.