كانت الفرصة سانحة على هامش الدورة التاسعة والعشرين لمهرجان التين بكسرى للإطلاع على هذه البلاد والخوض صعودا في المسلك السياحي، وصولا إلى المتحف لنشاهد أورع المناظر الخضراء لما لا وهي تمتلك إحدى أكبر غابات الصنوبر في العالم . عيون الماء الرقراقة المنحدرة من بين الصخور على أعلى درجات النقاء، مثل عين سلطان وعير ميزاب، ويتوسطهما الأغير الذي يزيد المشهد جمالا عندما تنحدر من فوق شلالات مياه الأمطار.
تعتبر كسرى من أقدم القرى في العالم فقد سكنها الإنسان منذ قديم الزّمان، وذلك لارتفاعها وتوفّر عناصر الحياة بها من ماء ومرعى وغاب وأراض خصبة، وبالتّالي تعاقبت عليها الحضارات التّي عرفتها البلاد التّونسيّة كالحضارة البونيّة والحضارة الرّومانيّة والحضارة البيزنطيّة ثمّ الفتح ّالإسلامي.
تنتمي منطقة كسرى إلى الظّهريّة التّونسيّة وتتميّز بارتفاعها (1174 م) وكثرة تضاريسها وكثافة غابتها المتكوّنة من الصّنوبر الحلبيّ أساسا والّتي تكسو أكثر من ثلثي الأراضي بالمنطقة وهي مليئة بالخنازير الوحشيّة. تقع كسرى على جبل يتجاوز ارتفاعه ألف متر، ينته الجبل إلى منبسط أعلاه مستدير، يبلغ طوله عشرات الكلومترات، وينقسم المنبسط إلى غابة من شجر الكشريد وسهل من الحجارة والتّراب.
سطح المنبسط تحززه عوامل الانجراف لتترك فيه أشكالا طبيعية يخيّل للناظر إليها أنّه بصدد التجوّل في شوارع مدينة أثرية. كل هذا وأكثر وهبه الله لكسرى وإن كان أهلها فقدوا الزمان، فمن يتذكرها ويعيد لكسرى ما لكسرى.
{vembed Y=15_8UwjkU_4}