هل رأيتَ مرَّةً شجرةً تُعلِّقُ على جِذعها "إعلاناً مُضيئاً" عن فاكهتها اللذيذة، أو رأيتَها بحجَّة الخريفِ تَنعى نَفسَها لأحد.
الكلامُ حيلةٌ قديمة، حين لم تكن الريحُ قويةً بما يكفي لتحمل هبوبَ هذه النار التي تُقلِّبُكَ في الليل وفي النهار على جُنوبِك، لتدفُقها في نافذةٍ بعيدةٍ، في بيتِ صاحبك، وتعودُ حاملةً هبوب نارٍ مُلوَّنةٍ، وصفيرَ رياحٍ رحيمة.
لا تَنهر الحبّْ، فهو يسمعُ ويرى .
ولا تبَدِّدهُ في الكلام .
لا تحملهُ في القطارات، فهو قصير النفَس، ولا تُعلِّقهُ على قباب المنازل كي لا تتناهشه الجارحات، ولا تحبسهُ في بدنك فهو يسري كالسمِّ أو يكبر كالفضيحة،ولا تُحَمِّلهُ إصراً ثقيلا.
هُوَ الحُبُّ ، سيّدُ نفسِهِ ، يحدثُ حين يحدثْ ، لا شأنَ لبراعتك في خلقِه ، ولا شأنَ لها كذلك في قتلِه .
هو مَن يحيي نَفسَهُ ويميتها . يقفزُ كالنسر بكامل الجبروت الى نهايتِهِ ،نهايته المؤثثة بكلِّ ما يَلزمه ليصيرَ "ذاكرةً سعيدة".
في موته يصير شهيَّاً مثل شامةٍ على عنق امرأةٍ مَرَّت بسرعة، وأبلغ سحرا، مثل كلِّ الفقيدين الجميلين .
ويصير آمناً؛ فهو لن يقتلك بعد ذلك مرةً أخرى !
هو الحبُّ، قائدٌ مغوارٌ يخسر حروبه بمهارةِ مَن لم يخَطِّط في حياته لغير الخسارة.
لا شأن له بالنصر، ولا يدرك سوى متعة الهزيمة. لا يُخطِّطُ للفوز على أحد؛ فهو وحده من سينام يتيماً إن خسر " أحدٌ " أو ربح " أحَـدْ " .
..
لكنَّكَ لن تقول لامرأةٍ تُحبُّها، أو كي تُحبُّها، "أحبُّك"، كي لا تُخيِّب ظَنَّها في المُغامَرة الصَعبة، التي جاءت تقفزُ اليها كغزالٍ صغيرٍ، مِن جبلٍ إلى آخر.
دَع الحبَّ ينتشرُ على ثيابك كبقعة حِبر، يظهرُ في وجهك كالبثور المؤلمة، ويَذيعُ أنَّى جلسْت كرائحة القِرفة !
وكالخيل على رؤوس الجبال، لن تثنيها السهام، التي تنغرز في جسومها، ولا النار التي تحرقُ ذيولها المُمَشَّطة.
هو الحبُّ ، تعرفُهُ حين تعرفُ أنَّكَ تفعلُ كلَّ ما بوسعك لكي تُفسدَ حياتَك !
فلا تدخله وأنت تُبيِّتُ له الحكمةَ ، أو تتدبَّرُ العودة سالماً، فذلك مقتلُ العاشقين.
..
كل ما ينفعُ للكراهية ينفعُ للحبّ : فلا تجعل يدك مغلولةَ ، وانفق قلبَكَ كاملاً حيثُ يقودُكَ قلبُك.
وحين تقول لك امرأةٌ : يوماً ما سأموتُ بـ " كلمة".
قُل لها : وسيُسعدني أنِّي قتَلتُك !