ثم شاءت المصادفات أن يلتقي بالفنان البحريني محمد راشد الرفاعي الذي ساعده على تسجيل أولى أغانيه التي سرعان ما شاعت في منطقة الخليج من كلمات شعراء من أبرزهم سعيد بن عمير الشامسي الذي رافق حارب حسن فنيًّا على مدى أكثر من 20 سنة، وفد نقل المؤلف قصائد للشاعر، وعددها 22 قصيدة، من الحقل الصوتي إلى الحقل الكتابي. ويشير المؤلف إلى أن أولى تسجيلات حارب حسن كانت في مطلع الستينات من القرن الماضي.
وزخر الفصل الأول بتوثيق معلومات مهمّة في مسار حارب حسن تتعلق به وبالشعراء الذين لحّن قصائدهم وغنّاها مثل: سالم الجمري، محمد راشد المطروشي، فتاة العرب، أحمد الكندي، بنت الماجدي بن ظاهر، سالم الكاس، خليفة بن حماد، محمد سهيل، حمد الروم، مسلّم بن حمد، ماجد بن علي النعيمي، سعيد بن هلال الظاهري، خليفة بن مترف، محمد بن عبيد بن نعمان الكعبي، علي عبدالله السويدي "بن شمسة"، سلطان بن وقيش الظاهري، سعيد بن سالم الرميثي، خليفة بن حاسوم الدرمكي، وغيرهم من الشعراء النبطيين الذين أسهموا في التأسيس للأغنية الإماراتية.
وتناول الفصل الثاني المسار الذاتي والفني للفنان الإماراتي محمد سهيل بن هويدن الكتبي"1931 ـ 1978" ، الذي أسهم في وضع اللبنات الأولى لظهور الأغنية الإماراتية الحديثة وانتقل بها من مسارح الطرب في الخليج العربي إلى مسارح الطرب في سوريا ولبنان وغيرهما.
وفصّل المؤلف مسار المطرب من خلال العناوين التالية: "الولادة والنشأة"، " ، "الهجرة إلى البحرين"، "السفر إلى الدمام"، "دنيا الفن وسهيل فون"، تسجيلات صوت الخليج"، "العودة إلى الوطن"، "مدير بريد الخالدية". ونبّه المؤلف إلى أن بعض المهتمين بالطرب يعتقدون أنه محمد سهيل مطرب سعودي لطول مكوثه في الدمام، كما نبّه إلى أنه شاعر فصيح ونبطي، غنَّى قصائده كما لحّن الفنانون كلماته وغنّوها، ومن أبرزهم علي بروغة. وقد وثّق الكتاب 21 قصيدة لهذا الفنان المؤسس.
وأكد المؤلف مؤيد الشيباني أن محمد سهيل ترك بصمتين في الطرب الإماراتي هما: هوية اللهجة والإيقاع والنغمة، وأفق الأغنية المفتوح بهدف انتشارها عربيًّا. إضافة إلى أن تجربته اللحنية تشربت من تجربة الطرب المديني الحديث في لبنان ومصر والعراق خاصة بين منتصف الستينيات والنصف الأول من السبعينيّات. وأشار المؤلف إلى أن المطربين الإماراتيين استفادوا من الألحان الشعرية البدوية أكثر من البحرية.
وخصص المؤلف مساحة من كتابه للعلاقة الفنية التي جمعت بين محمد سهيل وسالم الجمري، وتمثّلت في تلحين وغناء سبع قصائد على الأقل، أثبت المؤلف سبعًا منها وهي "أريد الهوى لي يجود بوفاه"، "غزال سلبني وانا مقبلِ"، "مرحبا بللي رمس بالتلفون"، "بالتلفون باكلم حبيبي"، "في بوظبي شفت الظبي"، "زاد بي عوق وخيّم"، "قال الذي مصطاب".
كما خصص مساحة أخرى لقصائد الشعراء التي لحّنها وغنّاها محمد سهيل ومنها قصائد لسعيد بن عتيج الهاملي، سيف بن عبيد الشرياني، محمد بن صقر بن جمعة "بن صنقور"، خليفة بن مترف. ولم يغفل المؤلف العلاقة الفنية التي ربطت بين محمد سهيل وعلي بروغة منذ استقرار الأول في بلده الإمارات سنة 1967.
أما الفصل الثالث والأخير فقد وثّق "بدايات محال التسجيلات في الإمارات"، و"أسماء في ذاكرة الأغنية الإماراتية"، ثم حلّل دور الأغنية في المجتمع باعتبارها "وثيقة تاريخية عبر العصور".
وتخللت الكتاب باقة من الصور لحارب حسن ومحمد سهيل ومسلّم حمد وخليفة بن مترف وسعيد بن سالم الرميثي، ولأسطوانة أغنية "يظن المعافي" للمطرب الإماراتي محمد عبدالسلام المولود بدبي في حوالي منتصف العقد الثاني من القرن الماضي، ويعتبره مؤرّخو الغناء أول مطرب إماراتي بدأ الغناء في الخمسينات وقدّم عددا قليلا" من الأغاني ثم توقّف نهائيًّا.