وفي الليلة نفسها، أجبرت الحكومة العراقية عائلة صدام التي تسلمت الجثة، على دفنها سريعاً في قريته "دون تأخير لأي سبب كان"، وفق وثيقة رسمية.
وبالفعل، فقد تم دفنه داخل قاعة استقبال كان قد بناها هو نفسه في بلدة العوجة، من دون ضجة.
ولاحقاً، صار قبر صدام حسين مزاراً لأهل قريته وأقربائه، حتى للرحلات المدرسية وبعض الشعراء الذين كانوا يأتون ويلقون قصائد في رثائه.
مصادر عراقية تقول أن القبر دمرته طائرات الجيش العراقي عقب دخول تنظيم الدولة إلى العوجة في العام 2014، بعدما تمركز مقاتلون داخل القاعة.
لكن فصائل الحشد الشعبي تقول أن تنظيم الدولة الإسلامية هو الذي فخخ القبر وفجره.
رواية التفجير يؤكدها الشيخ مناف علي الندى، زعيم عشيرة البوناصر التي يتحدر منها صدام، حيث يقول: القبر وقع نبشه، ثم تم تفجيره، من دون أن يوضح المسؤولين عن عملية التفجير "لأننا لا نعرف شيئاً عن العوجة مذ غادرناها".
يوضح الندى أن العوجة اليوم فارغة تماماً من سكانها، يحرسها مقاتلون من فصائل الحشد الشعبي، ويمنع الدخول إليها إلا بإذن خاص.
وغادرت عشيرة وأقرباء صدام القرية "قسرا" وفق الندى، الذي يبدي تخوفه من العودة في حال سمح لهم بذلك.
ولا يزال قبر صدام حسين محط جدل، لكن السؤال الآن: أين الجثة؟ من أخذها؟ وكيف تم سحبها من مكانها؟
موضع الجثة الحالي لا يزال مجهولاً. وهناك من يقول: "سمعنا روايات أن أحد أقربائه جاء بسيارات رباعية الدفع ونبش القبر للثأر لعمه وأبيه اللذين قتلهما صدام. أحرق الجثة وسحلها، ولا نعرف إذا أعادها أم لا".
ثم لا يلبث أن يتدارك بقوله "نعم، نعتقد أن الجثة لا تزال هنا"، قرب شاهد حديد كتبت عليه عبارة "قبر صدام كان هنا".
في الباحة خارج قاعة القبر، كان يفترض أن تتواجد قبور نجلي صدام، عدي وقصي، وأحد أحفاده، إضافة إلى ابن عمه علي حسن المجيد الذي كان مستشاراً رئاسياً ومسؤولاً في حزب البعث، لكن لا أثر لذلك.
هذا الغموض يولد شائعات كثيرة. فخارج الضريح، يهمس أحد مقاتلي الحشد قائلاً إن "هناك رواية تقول بأن ابنة صدام، حلا، جاءت على متن طائرة خاصة إلى القرية وسحبت جثة والدها، ونقلتها إلى الأردن" حيث تعيش حالياً.
لكن أحد العارفين للقضية في المنطقة يقول لفرانس برس طالباً عدم كشف هويته إن "هذه الرواية عارية من الصحة ولا أساس لها. أصلاً حلا لم تأت إلى العراق".
ورغم ذلك، يؤكد المقرب من العشيرة التي كانت يوماً حاكمة بأمرها أن "جثمان الرئيس تم نقله إلى مكان سري، ولا يمكن معرفة المكان أو الأشخاص الذي نقلوه".
ويلمح إلى أن القبر لم يقصف بل تم تفجيره، لافتاً إلى أن "قبر والده، في مدخل تكريت، تم تفجيره أيضاً".
جثة صدام، إن وجدت أم لا، فالأمر سيّان للعراقيين، وهم الذين ما زالوا يتناقلون دعابة يؤمن بها البعض بأن "صدام قد يعود، توقعوا منه أي شيء".
وحتى فترة قصيرة، يبدي أبو سرمد، أحد سكان بغداد، اقتناعه بالرواية الشهيرة التي تقول إن "صدام لم يعدم، من قتل هو شبيهه!".