الرؤية المصرية:- في تطور يثير تساؤلات حول حدود حرية التعبير، تسعى الحكومة البريطانية إلى إيقاف الطعن القانوني الذي رفعتْه هدى عموري، إحدى مؤسِّسات جماعة "Palestine Action" المؤيدة للفلسطينيين، ضد قرار حظر الجماعة كمنظمة إرهابية، مما يعرض أكثر من ألف ناشط للسجن لسنوات طويلة بسبب حملات احتجاجية سلمية.
ويأتي هذا التصعيد بعد أن أدرجت السلطات البريطانية الجماعة على قائمة المنظمات الإرهابية في 5 يوليو 2025، ليصبح الانتماء إليها جريمة يعاقب عليها بالسجن حتى 14 عاماً، في خطوة أثارت انتقادات دولية حادة من منظمات حقوقية ومفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
اقرأ ايضأ:-
أعلنت وزارة الداخلية البريطانية، في خطوة جديدة أمس، طلبها من محكمة الاستئناف إلغاء الإذن القضائي الذي منحَ لعموري في يوليو الماضي للطعن في الحظر، معتبرةً أن مثل هذه التحديات يجب أن تُحال إلى لجنة حكومية متخصصة بدلاً من المحكمة العليا، لتجنب "الفوضى" في التطبيقات القانونية.
وكانت عموري، التي ساهمت في تأسيس الجماعة عام 2020، قد وصفت القرار بأنه "تدخل غير متناسب" في حقوق التعبير والاحتجاج، مشيرةً إلى أن الحظر يقمع الاحتجاجات الواسعة ضد "الكارثة الإنسانية في غزة" دون رابط مباشر بالجماعة. وفي حكم سابق، أقر قاضي المحكمة العليا مارتن تشامبرلين بأن الطعن "قابل للمناقشة"، معتبراًً أن الحظر يُشكل تدخلاً غير مبرَّر في الحريات الأساسية بموجب اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، لكنه رفض طلب تعليق الحظر مؤقتاً حتى نوفمبر على الأقل.
يستند قرار الحكومة البريطانية، برئاسة كير ستارمر، إلى تصعيد أنشطة الجماعة الاحتجاجية ضد الشركات المرتبطة بإسرائيل، مثل رش المباني بالطلاء الأحمر وإغلاق المداخل وإتلاف المعدات، مع تركيز خاص على شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية للصناعات الدفاعية.
ومن الأحداث البارزة التي أدت إلى الحظر، اقتحام موقع للشركة في بريستول عام 2024، وعملية أخرى في يونيو 2025 لقاعدة سلاح الجو الملكي "RAF Brize Norton"، حيث ألحق الناشطون أضراراً بطائرتين عسكريتين، مما أسفر عن توجيه تهم جنائية إلى أربعة أعضاء. وتُعد "Palestine Action" أول جماعة تُحظر تحت بند "الأضرار الجنائية الجادة" في قوانين مكافحة الإرهاب البريطانية، التي تُعرِّف الإرهاب أيضاً بأعمال تسبب أضراراً مادية كبيرة، رغم أن النشاط لم يشمل عنفاً مسلَّحاً أو إرهاباً تقليدياً.
منذ الحظر، أدى الإجراء إلى اعتقال أكثر من ألف شخص لمجرد رفع شعارات أو لافتات تعبِّر عن دعم للجماعة، مما أثار مخاوف من "تأثير مبرد" على الاحتجاجات السياسية الشرعية، كما حذَّر مفوض الأمم المتحدة فولكر تورك، الذي وصف القرار بأنه "استخدام مقلق للتشريعات المضادة للإرهاب" يهدِّد الحريات الأساسية ويُطبَّق على أفعال غير إرهابية.
وانتقدت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة الحظر، معتبرةً إياه تهديداً للحقوق الديمقراطية، بينما تتهم الجماعة الحكومة بالتواطؤ في "جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة"، مما يُبرِّر – بحسب رأيها – تصعيد الاحتجاجات للضغط على بريطانيا لوقف دعمها لتل أبيب.
مع استمرار التحدي القضائي، يبرز هذا الصراع التوتر بين الأمن القومي والحريات المدنية في بريطانيا، حيث يُرى الحظر كجزء من حملة أوسع لقمع الدعم الفلسطيني في أوروبا، وسط نقاشات حول إعادة صياغة قوانين الإرهاب لتتوافق مع المعايير الدولية، مما قد يؤثر على حركات الاحتجاج العالمية المستقبلية.