الرؤية المصرية:- واشنطن - في خطوة تعزز سياسة "تقاسم الأعباء" الأمريكية، أعلن مشروع ميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2026 عن ربط الوجود العسكري الأمريكي في دول الناتو بتزامنها مع رفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، مما يضع الحلفاء الأوروبيين أمام خيار قاسٍ: زيادة الإنفاق أو فقدان الحماية العسكرية.
وفقاً للوثيقة الرسمية، ستُلزم وزارة الدفاع الأمريكية، بقيادة بيت هيغسيث، بمراعاة "التزام الدول الأعضاء بتخصيص 5% على الأقل من ناتجها المحلي للدفاع، منها 3.5% للاحتياجات الأساسية" عند اتخاذ قرارات نشر قوات أو إجراء مناورات، كما نص عليه إعلان قمة لاهاي في يونيو الماضي.
هذا الإعلان، الذي أقره 32 دولة في الحلف، يهدف إلى مضاعفة الإنفاق الجماعي إلى تريليون دولار سنوياً بحلول 2035، لمواجهة التهديدات الروسية والصينية المتزايدة، حيث بلغ إنفاق روسيا 6.7% من ناتجها في 2024، وصينياً 7.2%.
يأتي هذا التوجه في سياق تصاعد الضغوط من إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي حذر خلال القمة من "الاعتماد على أمريكا دون مقابل"، مشدداً على أن الولايات المتحدة، التي تشكل 68.7% من إنفاق الناتو الحالي (880 مليار دولار في 2023)، لن تستمر في تحمل العبء وحدها.
ومع ذلك، يواجه الالتزام تحديات سياسية واقتصادية، إذ لم تحقق 9 دول أوروبية حتى الآن هدف الـ2% الحالي، وفقاً لتقارير منظمة الناتو.
في قمة لاهاي، التي أنهتها تصريحات إيجابية من الأمين العام مارك روتي حول "التحول إلى عقلية حربية"، وعدت دول مثل إستونيا برفع إنفاقها إلى 5.4% من 2026 إلى 2029، وبولندا إلى 4.7%، بينما حصلت هولندا على خطة تصل إلى 3.5% دفاعياً بالإضافة إلى 1.5% أمنياً.
أما إسبانيا، فقد أعلن وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس رفض الزيادة، معتبراً إياها "غير متوازنة مع الأولويات الاجتماعية"، مما أثار تهديدات أمريكية بفرض تعريفات جمركية كبديل عن الدعم العسكري.
يُقدر خبراء في مجلس الأطلسي أن الوصول إلى 5% سيضيف مئات المليارات إلى ميزانيات أوروبا الدفاعية، مما يعزز القدرات العسكرية لكن يثير مخاوف من خفض الإنفاق الاجتماعي في ظل نمو اقتصادي بطيء وديون متراكمة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وفي تصريح لـ"شير أمريكا"، أكد مسؤولون أن هذا الهدف يشمل 3.5% للقوات والمعدات، و1.5% للأمن السيبراني والبنية التحتية الحيوية، لضمان "حماية شاملة أمام التهديدات الهجينة".
مع اقتراب تسليم الخطط الوطنية في منتصف 2026، يتساءل مراقبون: هل ستنجح هذه السياسة في تعزيز الوحدة الأطلسية، أم ستفتح الباب لانقسامات داخلية تهدد الردع الجماعي أمام موسكو وبكين؟