أوكس 1866: اليوم الذي ابتلعت فيه الأرض 361 روحًا.. أسوأ كوارث المناجم في التاريخ

#كارثة_أوكس #تاريخ_التعدين #ضحايا_الفحم #الثورة_الصناعية_الدامية


الرؤية المصرية:- في تمام الساعة 1:21 ظهرًا من يوم 12 ديسمبر 1866، اهتزت أرض بارنسلي في يوركشاير الإنجليزية بعنف، وارتفع عمودان أسودان من الدخان والحطام من فتحتي منجم أوكس للفحم، معلنين عن واحدة من أكبر المجازر الصناعية في التاريخ البريطاني.

أوكس 1866: اليوم الذي ابتلعت فيه الأرض 361 روحًا.. أسوأ كوارث المناجم في التاريخ

لم يكن انفجارًا عاديًا، بل سلسلة تفجيرات متتالية نجمت عن اشتعال غاز الميثان المتراكم وغبار الفحم، حاصدة أرواح 361 عاملًا ورجل إنقاذ واحد، لتحتل المرتبة الثانية في قائمة أسوأ كوارث المناجم في المملكة المتحدة بعد سينغنيد في ويلز.

بدأت المأساة قبل أقل من ساعة على انتهاء المناوبة. انهار قفصا المصعدين، تحطمت محركات اللف، وتوقفت التهوية تمامًا، تاركة مئات العمال محاصرين في أعماق 300 متر تحت الأرض.

اهتزت المنطقة المحيطة على بعد خمسة كيلومترات كزلزال عنيف، وتحولت قرية ستيرفوت إلى مدينة أشباح في دقائق. 

رغم محاولات الإنقاذ اليائسة التي استمرت أيامًا، لم يخرج سوى 27 ناجيًا من أصل 388 كانوا داخل المنجم.

كشفت التحقيقات الرسمية عن سلسلة إهمال مروعة: غياب تام لمفتشي السلامة الحكوميين لسنوات، سوء تهوية مزمن، وعمليات تفجير تجري أثناء المناوبة دون أي احتياطات.

 كانت طبقة فحم بارنسلي معروفة بإطلاقها المفاجئ لغاز الميثان، لكن لا أحد اتخذ إجراء. أصبحت كارثة أوكس نقطة تحول أجبرت البرلمان البريطاني على إصدار قانون المناجم لعام 1872، الذي فرض معايير السلامة والتهوية والتفتيش الدوري لأول مرة.

لكن أوكس لم تكن الأسوأ عالميًا. في 26 أبريل 1942، شهد منجم بنكسيهو الصيني أكبر مجزرة تعدين مسجلة في التاريخ: 1549 قتيلًا بعد انفجار غاز الميثان، ثم قرار الاحتلال الياباني بإغلاق التهوية لإخماد الحريق، مخنقًا العمال أحياء.

وفي جنوب أفريقيا عام 1960، انهار منجم كلايدسديل فجأة مخلفًا 435 قتيلًا. أما في العصر الحديث، فلا يزال حريق منجم سوما التركي عام 2014 يذكرنا بالخطر: 301 قتيل بسبب إهمال السلامة وتزوير تقارير التفتيش.

من بريبرام التشيكية (1892: 319 قتيلًا) إلى سيهام الإنجليزية (1880: 164 قتيلًا)، تتكرر القصة نفسها: رغبة جامحة في الإنتاج، وإهمال متعمد للحياة البشرية، وثمن دفعته أجيال من عمال المناجم في سبيل إنارة العالم وتسخين مصانعه.

بعد 159 عامًا على كارثة أوكس، لا يزال العالم يستخرج الفحم بتكلفة بشرية مرتفعة في دول عديدة. تبقى أسماء الـ361 ضحية من بارنسلي، و1549 من بنكسيهو، وآلاف غيرهم، شاهدة على أن التقدم الصناعي كان دائمًا مبنيًا على عظام من نسيتهم الكتب التاريخية.

هل تعلمنا الدرس حقًا، أم أن الجشع سيظل يبتلع أرواحًا جديدة في أعماق الأرض؟ الجواب يكمن في كل قرار سلامة يُتخذ اليوم.. وفي كل صمت يُقابل به الإهمال غدًا.