الزيارة استرعت اهتمام سلطات الإشراف بالجهة، حيث حضرها إلى جانب السيد داودا صو، الذي تم تنصيبه مكلفا بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية قبل يومين من الزيارة، كل من والي جندوبة سمير كوكة، معتمد جندوبة الشمالية أسامة الدريدي و المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بولاية جندوبة احمد الشوباني، وعدد من إطارات الوكالة والمندوبية..
الجزء الأول كان مع معرض حرفيّ حول التراث الثقافي غير المادي، تعرف خلاله الزائرون من الإعلاميين على ما ابدعته انامل نساء الجهة -لما لا والزيارة تزامنت مع اليوم العالمي للمرأة 8 مارس.
واطلع الزائرون على ورشات حيّة لحرفيّات الجهة كالمنتوجات من المرجان والزربية الخميريّة وتقطير الزيوت، وحلي وأطعمة وأزياء تعكس روح الزمان وتقاليد وعادات الجدود، مع عزف على آلات موسيقية وأغان تراثية تناقلتها نسائم المكان لتعبد الثنايا بين أروقة وأحجار موقع بيلاريجيا، خلال الجزء الثاني من الزيارة.
وقد أشرف أستاذ البحوث والمتفقد الجهوي بالشمال الغربي بالمعهد الوطني للتراث، محي الدين الشوّالي على تقديم معطيات تعريفية وتاريخية عن الموقع الأثري ببلاريجيا، ومتحف شمتو.
بلاريجيا أو بولا ريجيا(من اللاتينية: Bulla Regia، أي «بولا المَلَكِيّة»، سميت الملكية لأنها كانت عاصمة الملك النوميدي ماسينيسا).
هو موقع أثري ومدينة تاريخية تقع قرب مدينة جندوبة شمال غرب البلاد التونسية.
ترجع جذور بولا ريجيا إلى القرن الرابع قبل الميلاد إلا أنها لم تصبح ذات أهمية إلا بعد سيطرة القرطاجيين عليها.
خضعت المدينة عام 203 ق.م للرومان قبل أن تصبح عام 156 ق.م عاصمة للملك النوميدي ماسينيسا، حليف روما.
شهدت المدينة حالة من الركود أثناء العهد البيزنطي ليهجرها سكانها شيئا فشيئا وتختفي معالم الحياة فيها بداية من الألفية الثانية.
ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر أقيمت أول الحفريات فيها وتم الكشف عن عدة معالم وآثار طوال القرن العشرين.
يحتوي الموقع حاليا على عدة معالم (فوروم، مسرح أثري، حمامات) أغلبها يرجع إلى العهد الروماني. يضم الموقع أيضا متحفا يعرض لوحات فسيفساء وتوابيت إضافة لعدة آثار تعود إلى العهد القرطاجي، النوميدي أو الروماني.
ويقع موقع بيلاريجيا الأثري في شمالي غربي تونس بالقرب من مدينة دقة الأثرية. وكان هذا الموقع في السابق مدينة رومانية صاخبة وهو الآن موقع أثري محفوظ جيدًا.
يغطي الموقع مساحة تبلغ حوالي 15 هكتارًا ويتضمن عددًا من الهياكل الرائعة ، بما في ذلك المسرح الروماني والمعبد وعدد من المباني العامة.
وتعتبر مثل هذه الزيارات، التي تفرضها التطورات العالمية، إحدى وسائل التعريف بالتراث وخلق بدائل للسياحة الترفيهية بين الشواطئ والفنادق، وتعزيز فرص السياحة الثقافية، وعلى الجانب الآخر تعتبر نافذة على الماضي ، تفتحها وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية مما يسمح باستكشاف الحضارات القديمة واكتساب فهم أعمق لتاريخ البشرية.
كما يمكن أن تكون زيارة هذه المواقع تجربة رائعة ومجزية، حيث تقدم لمحة عن الحياة اليومية ومعتقدات الثقافات الماضية.
استكشاف آثار الحضارات القديمة، يمكن أن يكون تجربة رائعة حقًا، حيث تقدم هذه المواقع لمحة عن حياة الأشخاص الذين عاشوا منذ آلاف السنين، ويشكل حجم وتعقيد الهياكل التي بنوها شهادة على براعتهم وإبداعهم.
فما تركه النوميديون في تونس لا يقل أهمية عن أهرامات المايا الشاهقة ولا الأعمال الحجرية المعقدة لجبال الإنكا ، لأن كل هذه المواقع تقدم لمحة عن عالم مألوف وغريب على حد سواء، مما يوفر نظرة رائعة على التجربة الإنسانية.
المتحف الأثريّ بشِمْتُو أو متحف شمتو الأثري متحف يقع في الموقع الأثري بشمتو بولاية جندوبة بالشمال الغربي التونسي، على بعد 20 كم من مدينة جندوبة.
افتتح المتحف في 25 نوفمبر 1997، الموافق لـ 24 رجب 1418هـ.هذا المتحف حديث التصميم هو ثمرة تعاون علماء الآثار التونسيين من المعهد الوطني للتراث والمعهد الألماني للآثار الرومانية.
وهو يتميز بوجوده في مقطع رخام قديم يعود للعهد الروماني (وهو الذي لا يزال مستغلاًّ أيضا في الوقت الحاضر)، ويهدف المتحف إلى شرح كيفية استغلال الرخام في ذلك العهد وعرض بعض الآثار التي عُثر عليها في موقع المدينة النوميدية ثم الرومانية القديمة.
ابتدأ استغلال الرخام الأصفر والأحمر بموقع شمتو في القرن 2 م في المقاطع التي كانت ممتلكات شخصية خاصة لأباطرة الرومان.
سمح تموقع شمتو قرب وادي مجردة بتصدير مكثف لهذه المنتجات. كما استؤنف اقتطاع الرخام في القرن التاسع عشر الميلادي.
يحتوي المتحف على 4 قاعات عرض موزعة في 3 أجنحة، تبلغ مساحتها الجملية 1500 م².
بالمتحف بهو مركزي مفتوح (للهواء الطلق) تُعرض فيه واجهة المعلم الملكي النوميدي.
تسمح هذه الساحة متعددة الأغراض المتميزة بالسمعيات الفائقة بإقامة حفلات ومسرحيات في الهواء الطلق، وهي مزودة بركح لـ12 ممثلاً.
كما تحتوي على مرافق تلفزية وإضاءة مسرحية ومقاعد لـ200 متفرجٍ.
وعلى بعد حوالي 15 كلم من الموقع الأثري بيلاريجيا، كان الجزء الثالث من الزيارة أين اكتشف الصحافيون محتويات متحف شمتو الذي على حداثته (حوالي 30عاما) إلا أنه يحتضن أحجارا ونقوشا وأعمدة ضاربة في عمق التاريخ، لتكون الجولة في ثنايا الماضي بين صمت وتساؤلات تختلج لدى الزائر وهو يشاهد نقوش شواهد قبور مرت عليها آلاف السنين، وقطعا ذهبية تحكي تاريخ ثراء المارين على تلك الربوع.
تونس بلد زاخر بالتراث الثقافي الغني ، وله تاريخ يمتد لآلاف السنين، وقبل عامين ، أتيحت الفرصة لجولات صحفية في عديد المواقع الأثرية في عدد من المدن التونسية بمعية وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية، مثل تونس العاصمة وسوسة والقيروان والمنستير، ناهيك عن ليالي باردو، التي كانت تنتظم بمتحف باردو حتى رمضان 2019.
الزيارة كانت أشبه برحلة عبر آلة الزمن، استلبت حاستي السمع والنظر، ليتولد لدى الجميع الإحساس بأنه جزء من المشهد وهم يتجولون بين ثنايا التاريخ ، لتنهي بالتذوق للكسكسي وهو أحد عناصر تراث تونس المسجل على لائحة التراث اللامادي لدى اليونسكو .
عود على بدء، وبعد وقوف على تراث لتاريخ أصبح أثرا بعد عين، أقفلت الرحلة واسدلت سترا على الماضي، واتجهت نحو العاصمة، والزائرون كأن لسان حالهم يقول "بكيت الغزاة وهم راحلون".