وتبدأ ملابسات القضية عندما انتدب القضاء لجنة من الخبراء الهندسيين والمحاسبين {م.س؛ ح.أ، م. ع ، ع.ا ؛ س.ع }، للنظر في إحدى القضايا المنظورة، وإعطاء المشورة حيالها بطريقة حيادية؛ وذلك لمساعدة المحكمة في إصدار حكمها العادل، إلا أن هؤلاء الخبراء تغاضوا عن بعض المخالفات الموجودة، والتي تدين أحد الأطراف في القضية.
وأفقد ذلك التغاضي المتعمد هؤلاء الخبراء صفة الحيادية عند أداء التقرير الخاص بالقضية؛ فضلاً عن تلاعبهم بالتواريخ عند تسجيل رأيهم بعد الاحتكام، وكان من الملاحظ تعمد الخطأ والمحاولة لإثبات عكس الحقائق للمحكمة؛ مما أثر على مجريات القضية، وأعطى نتيجة مخالفة لما هو عليه في الواقع.
وبحسب حيثيات الحكم الذي أصدرته "استئناف دبي" ضدهم، فإن بعض المحكّمين قد تغيب عن أغلب الجلسات مع الأطراف المحتكمين، كما أعطى بعضهم رأيًا يطابق رأي محكم آخر خلاف الواجب عليه بإعطاء رأيه الشخصي في التحكيم، مما أثار شبهة التواطؤ والاتفاق فيما بينهم بغرض التلاعب؛ للخروج بالحكم المستأنف ضده في محكمة الاستئناف.
ونص حكم المحكمة على أن بعض أعضاء اللجنة لم يقم بالتواصل وطلب الأوراق والمستندات التي تعينه عند النظر في القضية طوال فترة عمله في اللجنة بل قام بالاعتماد على رأي الأعضاء الآخرين "مما ألحق الضرر بالمستأنفة".
وأعاد هذا الحكم للأذهان تلاعب الجناة في قضايا كبرى سابقة، تم فيها استبعادهم من الخبرة نظرًا للشبهات التي أثيرت حولهم وعدم كفاءتهم ونزاهتهم، وتم استبدالهم حينها من قِبل المحكمة، وهو ما ثبت في هذه القضية أيضًا، والتي أصدرت فيه المحكمة حكمًا بتغريمهم 18 مليون درهم إماراتي بالتضامن.
يأتي هذا الحكم تنفيذًا لحرص سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي، وامتدادًا لعدالة القضاء الإماراتي وأنها تطول حتى المحكمين المعينين من قبل المحكمة إذا ثبت تورطهم في قضايا الفساد، وموازيًا لأحكام سابقة تضع فيها محاكم دبي أحكامها الصارمة تطمينًا للمستثمرين وردعًا للمتلاعبين وكل من تسول له نفسه الغش والتدليس والتلاعب من أجل التكسب غير المشروع من طرف ضد طرف آخر على حساب العمل والأمانة والمسؤولية التي أنيطت به.