كتاب "ابنتي السلفية العزيزة"، أم تحكي قصة ابنتها مع التطرف

الأم الفرنسية، لو نوفا، كتبت قصة كفاحها خلال ست سنوات من أجل إنقاذ ابنتها التي مالت إلى التطرف وعمرها 12 عاما، بعد غسل دماغها بالأفكار السلفية، في كتاب "ابنتي السلفية العزيزة".

"هذا الكتاب، هو اعترافات لأم فرنسية، الأفكار السلفية للأصوليين المتطرفين "سرقت" ابنتها شارلوت، أو أمينة ،إسمها الجديد،، نحو مجتمع راديكالي في أحد ضواحي العاصمة البريطانية لندن حيث تعيش مع زوج سلفي متعدد الزوجات.

كتاب "ابنتي السلفية العزيزة"، يبدأ بقصة عائلية عادية، طفولة في بيئة ثرية، والدين ملحدين، شارلوت، تلميذة ناجحة تحب المدرسة، المطالعة، الرسم، كرة السلة، والاستماع إلى أغاني فرقة الروك الفرنسية "ديونيسوس".

لا شيء كان يهيئ هذه الشابة للوقوع في ظلمات التطرف.

عام 2011، سلسلة من الأحداث جاءت لتسرع انعطاف شارلوت نحو التطرف مع حبها الأول، كريم، مسلم ذو علاقات مشبوهة. وأب عاطل عن العمل يعاني من انهيار عصبي، لا يكف عن توبيخها.

من أجل استعادة حب كريم، تقربت شارلوت من شقيقته نورة ورافقتها.

كثيرا ما كانت تفر إلى بيتها حيث تستمتع ببيئة "العيش فيها جميلا".

بدأت شارلوت تتعرف أكثر فأكثر على الإسلام، وبعدها المداومة على الصلاة في المسجد. كما وجد القرآن مكانا على رفوف خزانتها بين كتبها المدرسية.

تغيرات في شخصية الشابة لمحتها الأم، لكن من دون أن يثير ذلك قلقا لديها.

تحفظ لو نوفا من هذه التجربة عدة مؤشرات إنذار: التسرب المدرسي كان في الدرجة الأولى، الجلباب (اللباس الذي يغطي جسد المرأة من الرأس حتى القدمين) حيث عثرت الأم على العشرات منه مخبأة في خزانة الفتاة.

تسارعت الأحداث يوم اتصلت إدارة المدرسة التي كانت تدرس شارلوت فيها، بالأم لو نوفا، لتبلغها بمشاريع ابنتها للذهاب إلى مصر لمتابعة دروس دينية مركزة.

أول ما فعلته الأم يومها كان الاتصال بالرقم الأخضر(Stop Djihadisme)، الذي وضعته السلطات الفرنسية تحت تصرف العائلات التي ترصد أفكارا جهادية لدى أبناءها. لتبدأ بعد ذلك إجراءات إدارية لمنعها من الخروج من الأراضي الفرنسية.

كما قامت بمصادرة جواز سفر شارلوت التي صنفت ضمن قائمة "S" للأشخاص الذين يمثلون خطرا محتملا على الأمن العام.

اتصالها بمركز الوقاية من الانحرافات الطائفية المرتبطة بالإسلام، جعل لو نوفا تخرج من عزلتها. "أعطوني عامين لإخراج شارلوت من الذي كانت فيه" تقول هذه الأم التي لم تتوان عن مقابلة شباب متشبعين بأفكار جهادية لتنظيم "الدولة الإسلامية" مع ابنتها المراهقة.

تقاسمت الاثنتان أوقاتا من الود المتبادل، لكن في الحقيقة كان الوقت قد فات "كلما أظهرت رقة من الخارج، زادت حدة من الداخل" تقول لو نوفا.

عبرة ثالثة تستخلصها لو من تجربة ابنتها شارلوت: "ابنتي لم تعرف إلا الإسلام الراديكالي" الذي تتربع أفكاره السلفية على مواقع التواصل الاجتماعي.

خمسة أيام قبل عيد الميلاد في 2016، قالت شارلوت أو أمينة كما تفضل أن ينادونعليها، أنها ستقضي الليلة عند صديقتها.

في اليوم التالي طلبت من والدتها قراءة رسالة تركتها في غرفتها.

جاء فيها "إذا قرأت هذه الرسالة، فهذا يعني أنني وصلت إلى بريطانيا"، لأنها اختارت أن تعيش حياتها "السلفية" في لندن مع زوجها الفرنسي الذي يعيش مع زوجتان.

منذ ذلك، ذهبت لو نوفا إلى المملكة المتحدة لرؤية ابنتها التي تعيش في منزل "بحي غالبية سكانه من الأصوليين". لم تتمكن من الدخول لبيت شارلوت التي "قابلتها في أحد مطاعم الوجبات السريعة، في قاعة مخصصة للعائلات.

زوجها لم يكن بعيدا".

" الأم تقاسمت ساعة من الزمن مع ابنتها، التي صارت تلبس البرقع الآن (لباس يغطي كامل الجسم حتى الوجه والعينين) والتي يظهر أنها تعاني من حالة جسدية ونفسية حساسة".

سبتمبر2017، زوج شارلوت فرض عليها أن تقتصر اتصالاتها مع والدتها على المراسلات البريدية، بعد تبادل بعض المكالمات الهاتفية عبر تطبيق واتساب.

تقول لو نوفا، أن سرد قصتها في هذا الكتاب، هو مد اليد للعائلات التي عاشت أو تعيش قصصا مماثلة.

تريد توعية الشباب حول مكافحة التطرف وإخراج الذين غرر بهم بالأفكار الجهادية من الدائرة المفرغة التي وضعوا فيها.

"من الضروري التحرك منذ المدرسة المتوسطة لتفادي القطيعة التي تكون غالبا في سن الـ12" تقول لو.

تريد لو نوفا لفت نظر الحكومة الفرنسية كذلك حول القضية، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعد بالتحرك لمكافحة تطرف الشباب اعتبارا من 2018.

في نفس الإطار، قابلت لو نوفا مرارا أساتذة وشبانا في الضواحي الحساسة بمنطقة "ليياج" ببلجيكا، شباب مصدومون من هذه الانحرافات الدينية التي "لا تمثل الإسلام عندهم".