تونس تتجه نحو حكومة الرئيس بعد اسقاط حكومة الجملي

تونس- باردو:- عوض سلام/ فسحة من الأمل يعيشها التونسيون جاءت بعد توجسات ومخاوف، من مستقبل سياسي لم يكن غامضا، بل كانت كل المؤشرات تؤكد بفجاجة، أنه لا سبيل لإصلاح اقتصادي أو اجتماعي مع تشكيلة رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي.

أكثر من 100 يوما من انتخاب الرئيس قيس سعيد انتظر خلالها التونسيون أن يأخذ بزمام منصبه
Source de l'image: - google

وهكذا سجل الحبيب الجملي أول سقوط لحكومة من 11 انتصبت منذ سقوط نظام بن علي، منها 7 حكومات، و3 تحويرات وزارية.

وخلال 14 ساعة تداول خلالها أعضاء مجلس نواب الشعب الكلمة ضمن جلسة التصويت على هذه الحكومة، كانت مواقع التواصل الاجتماعي، وإن شابها التندر بمواقف وتعليقات بعض النواب، إلا أنها كانت ممتزجة بتضرعات بألا تمر تلك الحكومة.

ومع دقات النهاية تنفس التونسيون الصعداء بسقوط مدو لتشكيلة الحبيب الجملي، برفضها من 137 عضوا، واحتفاظ 3 بأصواتهم، من بين 217 نائبا. هي 14 ساعة اتخذت خلالها مداخلات النواب منحنى قوسي بدأ بالتخويف من قادم مظلم إن لم تمر تلك الحكومة، ليتطور مع غروب الشمس إلى التحفيز بالتصويت من أجل إحباط مخطط خارجي مصري إماراتي للإطاحة بها، وما إن اقتربت النهاية حتى بدأ مؤيدو تلك الحكومة من النواب أعضاء حزب حركة النهضة الإسلامي في الإعلان عن عدم التصويت لصالحها.

على امتداد يوم كامل من المداخلات كانت البدايات تكشف نوايا التصويت المعلنة في نهاية الكلمة فكانت التحية للحبيب الجملي وفريقه المقترح تؤكد أن النوايا متجهة نحو التأييد، وكانت في أغلبها من كتلة حركة النهضة.

سياسيا أكدت جلسة التصويت لمنح الثقة للحكومة أن كتلة حركة النهضة أصبحت في مرمى معظم الكتل داخل البرلمان التي لم يفوت نوابها فرصة المداخلة إلا وهاجموها، وهاجموا الحكومة المقترحة بإعتبار معظم أعضائها تابعين للحركة إن لم يكن بالإنخراط فبالمولاة.

هذا المشهد هو في ذاته مؤشر على أن الحركة الإسلامية لم تعد تمتلك المساحة الكبرى ضمن المشهد السياسي في تونس، وأن مصيرها إلى المعارضة إذا ما تمت إعادة الانتخابات التشريعية.

ودستوريا، سيتعين على رئيس الجمهورية قيس سعيد تكليف رئيس حكومة جديد، ويمنحه مهلة شهر، وإن لم يتم تشكيل الحكومة أو سقوطها داخل البرلمان، يقوم رئيس الجمهورية بحل البرلمان وإعادة الانتخابات التي تؤكد المؤشرات أنها ستذهب بحزب حركة النهضة الإسلامي إلى المربع الذي بدأت منه عام 1989 ، وانطلقت منه نحو المنفى.

وإذا صح هذا التطور الدراماتيكي، للحركة الإسلامية في تونس، فإنه يحسب للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، الذي بحنكته السياسية حطم كافة اقنعتها، التي ما إن سقطت وتشظت إنكشف وجهها الحقيقي أمام الشعب، والسياسيين، وأن كل من تحالف معها انهار واندثر، وهذا ما كان قد قاله نبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس، الذي ساهم بثقله داخل البرلمان في إسقاط حكومة الجملي المدعومة من النهضة.

أكثر من 100 يوم من انتخاب الرئيس قيس سعيد انتظر خلالها التونسيون أن يأخذ بزمام منصبه، والآن وقد أصبحت البلاد على المحك لم يعد أمامه غير أن يتحول إلى تلك العنقاء التي ربما تأتي بطائر الرخ.

فهل يستطيع رئيس تونس أن يكون ذلك الطائر الأسطوري المتجدد ويدخل التاريخ الذي أطال الوقوف على بابه؟ أم سيكتفي بالنار خوفا من أن يستجير بالرمضاء؟