تونس: بحث "المواجهة "بين المعلومة الصحفية و"ثلاثية كشف الفساد"

تونس/جربة/متابعة: عوض سلام/ بينما تقف تونس على عتبة مكافحة الفساد الذي تفشى في أركان الدولة منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي، يبقى العمل الصحفي في مواجهة حقيقية بين طرفين متقابلين: الحصول على المعلومة الحقيقية وكشف عملية الفساد والمتورطين فيها، ويتبقى حماية المعطيات الشخصية خصم لدود وعقبة بين هذا وتلك.

هذه القضية محل بحث مستفيض ضمن ندوة وطنية تحت إشراف رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، من تنظيم مصالح العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان بالتعاون مع جمعية التثقيف الإعلامي بمدنين حول "المعلومة الصحفية: بين الحق في النفاذ إلى المعلومة وحماية المعطيات الشخصية ومكافحة الفساد".

حضر الافتتاح محمّد الفاضل محفوظ وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، والي مدنين، الحبيب شواط، رئيس الهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة، عماد حزقي ، عضو المكتب التفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، شوقي قداس، المستشارة القانونية لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، هاجر ونَه الهنتاتي، ورئيسة جمعية التثقيف الإعلامي بمدنين التي ألقت كلمة رحبت من خلالها بالحضور.

وقد استغرب محمّد الفاضل محفوظ وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان عدم حضور نواب من مجلس الشعب، وأفتتح كلمته باسم حرية التعبير التي لا تقبل المساومة والانتصار اللامشروك لحرية الصحافة، مؤكد على التزام الحكومة لمساندة قطاع الاعلام ومكافحة الصعوبات التي تعترضه.

وأشار "محفوظ" إلى موقفه وموقف الحكومة الرافض لأي شكل من اشكال الرقابة على الاعلام مؤكدا على التضامن الكامل للحكومة مع الصحافيين للوصول الى الحقيقة.

وأشار في هذا الإطار إلى بعض إشكاليات القطاع التي فصل فيها القضاء التونسي مثل قضية "وفاة المواليد في مستشفى بالقطاع العام" حيث تم منع حلقة تلفزيونية من برنامج "الحقائق الأربعة" حول هذه القضية، مؤكد أنه ليس ضد القضاء بل لابد من تهيئة الرأي العام لقبول فكرة أن القضاء يمكن أن يراجع قراراته. وقال والي مدنين، الحبيب شواط في كلمته الافتتاحية أن "العمل الصحفي هو السلطة الهامة التي يجب دعمها لكن دون المساس بالحريات والمعطيات الشخصية، ونحن نرى أن قطاع الإعلام في تونس يتحسن يوما بعد يوم.

كما قال رئيس الهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة، عماد حزقي، إن "الحق في النفاذ إلى المعلومة من أهم آليات دعم العمل الصحفي وأيضا لمكافحة الفساد فلابد من نظام يسمح بالتدفق الحر للنفاذ إلى المعلومة، لكن لابد له من ضوابط أهمها الحق في حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة لذا لابد للإعلامي أن يكون متمكنا من تلك المعادلة. أما رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، شوقي قداس فقد قال: "الأنظمة الديمقراطية من أهم خصائصها حماية المعطيات الشخصية وحقوق الأفراد وهو منصوص عليه في الدستور"..

وفي سؤال استنكاري قال "حزقي" "هل من حق الصحفي أن ينفذ للمعطيات الشخصية؟ هذا السؤال غير مطروح لكن الإشكالية في ماذا يستطيع أن ينشر؟ وهنا لا اتحدث عن القانون ولكن عن أخلاقيات المهنة".

المستشارة القانونية لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، هاجر ونَه الهنتاتي قامت بطرح الإشكالية بشكل مباشر قائلة: إن حماية المعطيات الشخصية وحق النفاذ للمعلومة هما حقان لابد من حمياتهما، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هي التي تستطيع حماية هذين الحقين.

كما محمد اليوسفي عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين عن دور النقابة في إرساء الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

وأشار إلى أن هذه المكتسبات المحققة بعد الثورة أصبحت مهددة لاعتبارات أهمها الثقافة المجتمعية لهذا الحق وتعامل السلطة التنفيذية والنخب السياسية معهم لانهم الأكثر اعتداء عليه، مشيرا إلى معارك كبرى تنتظر الإعلاميين للدفاع عنه.

وتأتي هذه الندوة في إطار برامج الشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية ومركز فرنسا الدولي للإعلام ومركز "إفادة للجمعيات".

يتناول المؤتمرون على مدار يومين خصوصيّة المعلومة الصحفيّة في علاقة بالأطر القانونية المنظمة لثلاثية الحق في النفاذ إلى المعلومة، حماية المعطيات الشخصية ومكافحة الفساد. وشارك في هذه الندوة رؤساء وأعضاء مجالس الهيئات المستقلة المعنيّة وممثلي النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وهياكل الإعلام وعدد هام من صحفيي الإعلام المكتوب والالكتروني والسمعي والبصري والجمعياتي وخبراء في الاعلام والاتصال وممثلين للهياكل الإداريّة المختصّة ونشطاء بالمجتمع المدني المهتم بالحقوق والحريّات في علاقة بالشأن الإعلامي.