الرؤية المصرية:- شنّت قوات الدعم السريع غارات جوية مكثفة بطائرات مسيّرة انتحارية على مواقع عسكرية في أم درمان شمال الخرطوم صباح الأربعاء 15 أكتوبر، مما أثار حرائق واسعة وذعرًا جماعيًا بين السكان، في اليوم الثاني على التوالي من الهجمات التي تستهدف العاصمة، وسط مخاوف من تحول النزاع إلى حرب جوية مدمرة تهدد الاستقرار الإقليمي.
شهدت مدينة أم درمان، الجزء الشمالي من العاصمة الخرطوم، ساعات الفجر الأولى من اليوم الأربعاء سلسلة من الانفجارات العنيفة الناتجة عن عشرات الطائرات المسيّرة التي حلّقت فوق المناطق العسكرية والسكنية، وفقًا لشهود عيان ومصادر ميدانية أكدت أن قوات الدعم السريع (RSF) نفذت الضربات الانتحارية المزدوجة على أم درمان والخرطوم بحري.
اقرأ ايضأ:-
أفاد مصدر عسكري لفرانس برس بأن الجيش السوداني أسقط "معظم" الطائرات، لكن الغارات غطّت مناطق واسعة لثلاث ساعات تقريبًا، مما أدى إلى تصاعد أعمدة دخان كثيفة فوق معسكر سركاب وأحياء شمالية أخرى، كما نقلت صحيفة "الراكوبة نيوز" السودانية.
يأتي هذا التصعيد الجوي في سياق حرب أهلية دامية اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع برئاسة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حيث أعادت الجيش السيطرة على الخرطوم في مارس الماضي، مما دفع الـRSF إلى التراجع نحو دارفور مع تصعيد استخدام الطائرات المسيّرة المتقدمة لضرب البنية التحتية والمواقع العسكرية.
ووصفت قوات "درع السودان" الهجمات بأنها اليوم الثاني المتتالي على العاصمة، مشيرة إلى أن الضربات المتزامنة أحدثت فوضى في صفوف القوات المنتشرة، مع استخدام طائرات استراتيجية وانتحارية تستهدف أهدافًا حساسة مثل محطات الطاقة والمصانع العسكرية، كما حدث في هجمات سابقة على محطة المراخية ومصفاة الجيلي.
لم تصدر الجهات العسكرية بيانات رسمية بعد عن حجم الخسائر البشرية أو المادية، لكن شهود عيان وصفوا المشهد بـ"الكابوسي"، حيث هزّت الانفجارات المتتالية المدينة وأثارت حالة من الذعر بين آلاف السكان الذين عادوا مؤخرًا إلى منازلهم بعد إعادة السيطرة العسكرية، وسط برنامج إعادة إعمار أطلقته الحكومة المدعومة بالجيش لنقل المسؤولين من بورتسودان.
وأضاف مصدر محلي أن الغارات شملت مناطق سكنية مجاورة، مما يعكس تطورًا نوعيًا في النزاع يعتمد على "الحصار الجوي"، كما حذّر خبراء في "جيوبوليتيكال مونيتور" من أن هذه الطائرات تحول الصراع إلى حرب غير تقليدية تُعمّق الأزمة الإنسانية، حيث يُقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 800 ألف شخص عادوا إلى الخرطوم ليواجهوا مخاطر متزايدة.
أشار مراقبون عسكريون إلى أن هذه الهجمات جزء من استراتيجية الـRSF لإثبات أن الحرب "لم تنتهِ"، خاصة بعد فشل محادثات الوساطة الدولية في إنهاء القتال، مع تركيز الباراميليتاري على دارفور حيث حاصروا الفاشر منذ مايو 2024، وشنّوا هجمات مماثلة أسفرت عن مقتل 57 مدنيًا في أكتوبر الماضي. وفي تغريدة على منصة إكس، أكدت قناة "سودان نيوز 24" وقوع ضربات انتحارية مزدوجة في ساعات الفجر، مما أثار مخاوف من تداعيات إقليمية على جيران السودان، بما في ذلك تدفق اللاجئين وتهديد خطوط التوريد الغذائية.
عاد هدوء حذر نسبيًا إلى أم درمان مع توقف تحليق الطائرات تدريجيًا، حيث أعادت القوات العسكرية الانتشار في المواقع المتضرّرة، لكن حالة الترقّب تسيطر على الأحياء، وسط تحذيرات من تجدّد الهجمات في أي لحظة. هل ستدفع هذه الغارات الجوية النزاع السوداني نحو تصعيد إقليمي أوسع، أم ستُسرّع جهود السلام الدولية قبل فوات الأوان؟