بيروت في قبضة الضغوط الدولية: فرنسا وسوريا تطالبان بتسليم "جزار" المخابرات السورية

#بيروت_تحت_النار #جميل_الحسن #عدالة_سورية #نزوح_النظام


الرؤية المصرية:- في تطور يعكس تصاعد الضغوط الدبلوماسية على لبنان بعد سقوط نظام بشار الأسد، طلبت فرنسا وسوريا رسميًا من بيروت تسليم الجنرال جميل الحسن، المدير السابق للمخابرات الجوية السورية، المتهم بجرائم حرب وإبادة جماعية، بعد تأكيدات باختبائه في العاصمة اللبنانية.

بيروت في قبضة الضغوط الدولية: فرنسا وسوريا تطالبان بتسليم "جزار" المخابرات السورية

جاء هذا الطلب، الذي أفادت به صحيفة "وول ستريت جورنال"، في نوفمبر الماضي، حيث أصدرت محكمة باريس حكمًا غيابيًا ضد الحسن بتهم جرائم ضد الإنسانية، بينما تسعى الحكومة السورية الجديدة لملاحقة رموز النظام السابق لتعزيز الاستقرار الداخلي.

أكد مسؤول فرنسي للصحيفة الأمريكية أن الطلبين الرسميين يعتمدان على أدلة استخباراتية تشير إلى وجود الحسن في بيروت، حيث يحاول مسؤولون أمنيون سابقون إعادة شبكات نفوذهم وسط الفوضى السورية.

 وفقًا لتقارير "أشراك الأوسط"، تلقت النيابة العامة اللبنانية، برئاسة القاضي جمال الحجار، رسالة قضائية فرنسية في 3 نوفمبر، تطالب بتعقب الحسن إلى جانب علي مملوك وعبد السلام محمود، واعتقالهم إن ثبت وجودهم، لتسليمهم إلى باريس تمهيدًا لمحاكمتهم بتهم تعذيب وقتل ثلاثة مواطنين فرنسيين من أصل سوري في سجون المخابرات الجوية.

وفي السياق نفسه، أفادت "إناب بلدي" أن الحكومة السورية تواصلت مع لبنان لتسليم عسكريين هاربين، مشيرة إلى اتفاق تسليم جديد يُعدل الاتفاق القديم المجمد. 

من جانبها، نفت السلطات اللبنانية وجود معلومات مؤكدة عن الحسن، حيث قال مسؤول قضائي رفيع لـ"وول ستريت جورنال" إن الأجهزة الأمنية لم تتلقَ إشعارًا رسميًا بدخوله البلاد، لكنها أمرت فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بمراقبة الحدود والحركات غير الشرعية.

 هذا الرفض الجزئي يأتي وسط ضغوط دولية متزايدة، إذ سبق أن تلقت بيروت إشعارًا من الإنتربول في ديسمبر 2024 باعتقال الحسن بناءً على مذكرة أمريكية، كما أعلن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي تعاون لبنان مع الإنتربول، وفق "رويترز".

ومع ذلك، يُشير خبراء إلى أن التعقيدات السياسية في لبنان، المشغولة بأزماتها الداخلية، قد تعيق التنفيذ، مما يجعل بيروت "ملاذًا مؤقتًا" للهاربين. 

ولد جميل الحسن عام 1953 قرب القصير على الحدود السورية-اللبنانية، وانضم إلى الجيش في عهد حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة بانقلاب 1970. كضابط شاب، شارك في قمع انتفاضة الإخوان المسلمين في حماة عام 1982، التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف.

 بعد وفاة حافظ عام 2000 وتولي بشار السلطة، تولى الحسن قيادة شعبة المخابرات الجوية عام 2009، التي أُنشئت لحماية النظام من الانقلابات وأصبحت أداة رئيسية في الانتهاكات.

 وفقًا لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، تورطت الشعبة في برنامج الأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى التعذيب المنهجي والإعدامات الجماعية، مما جعلها رمزًا للقمع خلال الحرب السورية التي امتدت 14 عامًا وأودت بحياة نصف مليون شخص.

يأتي هذا الطلب في سياق أوسع لمحاسبة رموز النظام السابق، حيث أصدرت فرنسا ثلاث مذكرات توقيف دولية ضد الحسن منذ 2018، بناءً على شكاوى من منظمات حقوقية مثل "شيرفا" و"الاتحاد الدولي للإنسانيين"، بالتعاون مع لاجئين سوريين.

 كما أعلن المجلس الأطلسي في تقرير حديث أن الولايات المتحدة كشفت عن اتهامات حربية ضد الحسن في ديسمبر 2024، مشيرًا إلى دوره في إلقاء آلاف البراميل المتفجرة على المدنيين.

 أما سوريا الجديدة، فقد أحالت وسيم الأسد –ابن عم الرئيس السابق– إلى قاضي الإحالة تمهيدًا لمحاكمته، كما أفادت تقارير إعلامية، في خطوة تعكس سعيها لإعادة بناء الثقة الدولية.

 "هذه الطلبات ليست مجرد قضائية، بل سياسية تهدف إلى منع إعادة تشكيل شبكات القمع في المنطقة"، يقول المحامي السوري أنور البني، الذي يساعد ضحايا التعذيب في أوروبا، في تصريح لـ"الجزيرة".

مع تزايد الهروب إلى لبنان، الذي يستضيف ملايين اللاجئين السوريين، يثير الأمر مخاوف من تأثيره على الاستقرار الإقليمي، خاصة مع تورط حزب الله –حليف النظام السابق– في حماية بعض الهاربين، كما أشارت تقارير قديمة من 2019.

 هل تنجح بيروت في التوفيق بين الالتزامات الدولية وتوازناتها الداخلية، أم أن رفضها الجزئي سيفتح الباب لتصعيد جديد في الشرق الأوسط المتوتر؟ الإجابة تكمن في الخطوات القادمة، لكن اليوم، تبدو العدالة أقرب من أي وقت مضى لضحايا الاستبداد.