الرؤية المصرية:- في مشهد يجمع بين الوفاء والعزم، نظّم حزب الله اللبناني أكبر تجمع كشفي في تاريخه، يضم أكثر من 60 ألف مشارك تحت شعار "إنا على العهد يا نصر الله"، في المدينة الرياضية ببيروت يوم الأحد، لإحياء الذكرى الأولى لاغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله، الذي سقط في غارة إسرائيلية مدمِّرة قبل عام، مُعزِّزًا بذلك رسالة الاستمرارية رغم الخسائر الجسيمة التي لحقت بالتنظيم.
جاء التجمع، الذي وصفه بيان الإعلام التابع للحزب بـ"أجيال السيد"، وفاءً لذكرى نصر الله الذي اغتيل في 27 سبتمبر 2024، إلى جانب هاشم صفي الدين، خليفته المقتول بعد أسابيع قليلة، وذلك مع احتفال بالعيد الأربعين لكشافة الإمام المهدي.
وحشدت الفعالية آلاف الكشافة من مختلف مناطق لبنان، يرددون الشعار الذي يُجسِّد التزامًا بالمسيرة التي بدأها نصر الله قبل نحو ثلاثة عقود، خاصة بعد إعلانه "معركة إسناد غزة" في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023، لدعم القطاع الذي يواجه حربًا إسرائيلية مستمرة.
اقرأ ايضأ:-
تفاصيل الغارة التي هزَّت المنطقة
تذكِّر الفعالية بتلك اللحظة المأساوية عند الساعة 18:20 مساء 27 سبتمبر 2024، حين أطلقت 10 طائرات إسرائيلية، بينها F-15I وF-16I، 83 قنبلة وزن كل منها طنًا واحدًا على المنطقة الواقعة تحت المخبأ التحت أرضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، مُستخدمة قنابل 109-BLU الأمريكية الصنع مزودة بنظام توجيه دقيق وGPS. أسفرت العملية، التي وصفتها إسرائيل بـ"النظام الجديد"، عن مقتل نصر الله وعدد من القادة، في ضربة أضعفت حزب الله عسكريًا وسياسيًا، وفقًا لتقارير دولية، مُحوِّلة مساحات واسعة من لبنان إلى أنقاض ومُسبِّبة خسائر بشرية هائلة بلغت آلاف القتلى والجرحى.
شهدت الذكرى السنوية الأولى، التي جاءت بعد أشهر من الحرب الشاملة التي شنَّتها إسرائيل على لبنان في سبتمبر 2024، سلسلة فعاليات أخرى، بما في ذلك إضاءة صخرة الروشة في بيروت بصورة نصر الله وصفي الدين يوم الخميس الماضي، رغم رفض السلطات اللبنانية، وتجمعات شعبية في الجنوب وسهل البقاع.
وفي الضاحية الجنوبية، أقيمت وقفة وجدانية تجمّع فيها الآلاف قرب الضريح المؤقت، حيث جدَّد الأمين العام الحالي نعيم قاسم التأكيد على عدم التخلي عن السلاح، مُؤكِّدًا أن "الجماعة لن تنثني أمام الضغوط".
رسائل التضامن الإقليمية
يأتي التجمع الكشفي كجسر يربط بين الأجيال الشابة والتراث النضالي لنصر الله، الذي تولَّى قيادة الحزب في 1992 بعد مقتل سلفه عباس الموسوي في هجوم إسرائيلي مشابه، وأدار التنظيم لأكثر من 30 عامًا كقوة دينية وسياسية وعسكرية شيعية مدعومة من إيران.
ووصل إلى بيروت مسؤولون إيرانيون بارزون مثل علي لاريجاني، الذي شارك في الفعاليات المركزية بالضاحية الجنوبية، مُشدِّدًا في تصريحاته على أن "إسرائيل لا ترحم أحدًا"، في إشارة إلى التوترات الإقليمية المتصاعدة.
رغم الضربات الموجعة التي أفقدت الحزب جزءًا من ردعه، كما يصفها مراقبون دوليون، يُظهر هذا التجمع عزمًا على إعادة بناء الروابط الاجتماعية والعسكرية، في سياق يُعيد النظر في المعادلات الداخلية اللبنانية والإقليمية. فهل يُمثِّل هذا "العهد الجديد" خطوة نحو تعافٍ، أم مجرَّد لحظة وجدانية في خضمِّ التحديات المتزايدة؟