في الظرف العالمي الراهن، الذي تسبب فيه تفشي فيروس كورونا المستجد - كوفيد-19 - من الطبيعي أن يولى قطاع الصحة الأولوية المطلقة، غير أنّه في نفس الوقت وجب الحذر من الوقوع في كارثة اقتصادية واجتماعية، لما لذلك من تداعيات على أحد أهم روافد الاقتصاد التونسي، وهو السياحة، حيث يمثل 14% من الناتج الوطني الخام.
ورغم محاولات توقي الحكومة التونسية لهذه الأزمة العالمية، تبقى قرارات الدعم المعلنة من قبل الحكومة غير قادرة على تخطي الأزمة، وعليه فإنّ الكارثة الاقتصادية قادمة لا محالة، بسبب إفلاس مئات الشركات السياحية كوكالات الأسفار، النزل، الحرفيين، الأدلاء السياحيين، شركات كراء السيارات .. ممّا سينبثق عنه إحالة آلاف العاملين بالقطاع إلى البطالة.
يذكر أن القطاع السياحي يعدّ نحو100000 موطن شغل مباشر و400000 غير مباشر أي أنه ما يقارب 4 مليون تونسي في ارتباط مباشر أو غير مباشر بالقطاع السياحي.
و قد قدمت الجامعة المهنية المشتركة أربع اقتراحات لتخطي هذه الأزمة، وهي بالأساس :
- تكفل الدولة بأجور شهري أبريل ومايو 2020
- تأجيل أو إلغاء منح التغطية الاجتماعية للثلاثي الأول والثاني بدون خطايا تأخير أو إجراءات .
- التمديد في أجال خلاص القروض الجبائية (الأداء على المؤسسات 2019، القسط الاحتياطي، الأداء على القيمة المضافة، تصريحي شهر مارس وأفريل2020) وذلك على فترة طويلة المدى بدون خطايا تأخير.
- تمكين الشركات من قروض بنكية بطرق سهلة وفوائض معتدلة من دون فوائض.
وتفصيلا، إذا ما أردنا الولوج إلى أحد روافد القطاع السياحي في تونس، ومن خلال معطيات وقتية، حتما ستكون لها تداعيات عاجلة، فهناك 862وحدة فندقية، بطاقة استيعاب تقدر 392241سريرا، موزعة على المناطق السياحية، شمالا جنوبا، ومن الشرق إلى الغرب، وبعد إلغاء حجوزات سياحية تراوحت بين 2000و2500حجز خلال الموسم الحالي، في بداية ظهور جائحة كورونا، فإن استفحالها في دول أوروبا وآسيا يجعل من السهل علينا أن نتوقع حجم الكارثة، ناهيك عن أن سعر صرف الدينار التونسي الذي لن يظل محتفظا بدرجة الإنهيار الحالية، بل سيكون أكثر سوءا.
وبحسب الدراسات الطبية المتلاحقة من أجل إيجاد لقاح للفيروس، التي ربما تأتي نتائجها مع نهاية عام 2020 ، فإنه لابد التحسب من أن السياحة التونسية لن تفقد فقط الموسم الصيفي لهذا العام، بل ستقتطع جزءا كبيرا من السياحة الشتوية.
والحال تلك، فإن تونس ستكون من بين الدول العربية التي ستواجه وضعا كارثيا، إن لم تكن خطط المواجهة وآليات التحكم في تنفيذها، مبنية على التصورات بعيدة المدى، خاصة أن العالم في مواجهة كارثة قد تتغير أبعادها بين وقت وآخر، لأن العدو هو فيروس.