تونس- موقع أوذنة الأثري: تاريخه، معالمه وآفاق تنميته

يقع موقع أوذنة الثري على بعد ثلاثين كيلومترا جنوب غربي تونس العاصمة، في حوض وادي مليان المعروف بخصوبة أراضيه منذ الفترة القديمة. يعود الاستيطان البشري بالمنطقة إلى ماقبل العهد الروماني ولكنّ تأسيس المدينة تمّ في نهاية القرن الأوّل قبل الميلاد عندما تمّ إنشاء مستوطنة قام بتعميرها قدماء جنود الفيلق الثالث عشر.

تونس- موقع أوذنة الأثري
Photo source: - Compilation of news visibility from Google

وقد عرفت المدينة التي حملت اسم أوتينا أوج ازدهارها خلال القرن الثاني بعد الميلاد وخاصة خلال حكم الإمبراطور هدريانوس. خلال الفترة الإسلامية لم يقع إنشاء مدينة بالموقع بل تمّ الاكتفاء باستعمال المعالم القديمة الموجودة وقد خلّفت هذه الفترة كميات هامة من الفخار الإسلامي الذي يرجع خاصة إلى القرنين 10و11م.

I-                  المعالم الرئيسية بالموقع:

يعتبر موقع أوذنة الأثري من أهم وأكبر المواقع الأثرية بالبلاد التونسية ويعد عشرات المعالم التي تمّ الكشف عن جزء صغير منها.

1.  الكابيتول:

هو المعبد الرئيسي للمدينة الرومانية وكان مخصصا لعبادة الثالوث المقدّس: جوبيتر، جينونومينرفا. تمّ إنشاء هذا المعبد في بداية القرن الثاني بعد الميلاد وذلك في أعلى نقطة من المدينة وهو يتكوّن من ثلاثة معابد: معبد رئيسي يتوسّط معبدين فرعيين وتفتح كلها على الساحة العامّة الفوروم.

بالإضافة إلى الطابق العلوي الذي كان مخصصا للمعبد يوجد أيضا طابقان سفليان وهو ما يجعل معبد الكابيتول بأوذنة من أكبر المعابد الرومانية في شمال إفريقيا.

2.  المسرح المدرّج:

يوجد على أطراف المدينة من الناحية الشمالية وقد تمّ حفر حوالي ثلثي هذا المعلم على حساب هضبة بينما الواجهة الحالية توجد فوق مستوى سطح الأرض. يتكوّن المسرح المدرّج الذي تمّ انشاؤه في بداية القرن الثاني بعد الميلاد من ثلاثة عناصر: مستوى سفلي كان مخصّصا لإنزال الحيوانات والمصارعين، والحلبة حيث تجري عروض المصارعة، والمدارج المخصّصة للمتفرجين. وقد كانت طاقة استيعاب هذا المعلم حوالي 17 ألف متفرّج، وهو بذلك يحتل المرتبة الثالثة في البلاد التونسية بعد الجم وقرطاج.

3.  الحمّامات العمومية الكبرى:

يعود تاريخ بناء هذا المعلم إلى عهد الإمبراطور هدريانوس (117-138) وهو يتكوّن من مستويين: مستوى علوي كان مفتوحا لعموم الناس وحيث توجد مختلف القاعات الباردة والساخنة بينما خصّص المستوى السفلي لخزن الخشب المستعمل للتسخين ويشتغل فيه العمّال المكلّفون بعمليّة التسخين.

يتميّز هذا المعلم بمساحته الهامّة التي تقارب 10 آلاف متر مربّع وبتخطيطه المتناظر من الصنف الإمبراطوري.

4.  المسرح نصف الدائري:

وقع الكشف جزئيا عن هذا المعلم الذي كان مخصّصا للعروض المسرحية وللخطابة والشعر. حاليّا يمكن للزائر مشاهدة الركح والمداخل المخصّصة للمتفرّجين بينما لم يقع الكشف بعد عن المدارج.

5.  منزل إيكاريوس:

وقع الكشف عن هذا المنزل في نهاية القرن 19 وكان يسمّى منزل لابيريي. يتميّز هذا المنزل بمساحته الكبرى 2300 متر مربّع وعدد غرفه الذي يناهز الثلاثين غرفة. كان كلّ الغرف بها أرضيات فسيفسائية وقع نقل أهمّها إلى متحف باردو. حاليا يمكن للزائر مشاهدة نسخة من ارضية فسيفسائية كانت تمثل مشهدا من الحياة اليومية في ضيعة رومانية، بينما تمّ إنجاز نسخة لأرضية فسيفسائية لعتبة مؤديّة إلى قاعة الاستقبال وتمثّل مشهدا للصيد بالمطاردة في حين ازدانت أرضية القاعة بفسيفساء تجسّد عمليّة قطاف العنب تتوسطها لوحة تمثل هبة العنب من ديونيزوس إله الخمر إلى الملك إيكاريوس.

6.  منزل أندستريوس :

يسمّى هذا المنزل نسبة لمالكه الذي تمّ الكشف عن اسمه على لوحة فسيفسائية تمثّل مشهدا بحريا تتوسّطه الآلهة فينوس تحيط بها حوريتان. هذه اللوحة محفوظة حاليا بالمتحف الوطني بباردو بعد ان تمّ نقلها إليه في نهاية القرن19.

7.  حنايا أوذنة:

وقع إنشاء حنايا أوذنة خلال القرن الثاني بعد الميلاد لتزويد المدينة بالماء الصالح للشراب وخاصة لتوفير الكميات اللازمة من المياه للحمّامات العمومية الكبرى. تمّت تهيئة عدّة عيون توجد في الجبال جنوب الموقع وتتكوّن الحنايا من ثلاثة فروع يقع تجميعها في ساقية رئيسية تزوّد خزّانات الماء العمومية.

8.  الخزانات العمومية الكبرى:

توجد هذه الخزّانات جنوب غرب ساحة الفوروم ويقع تزويدها بالمياه عن طريق الحنايا. وتتكوّن من ثمانية خزّانات: سبعة متوازية وخزّان ثامن متعامد معها، مكوّنة بذلك خزّانا ضخما مربّع الشكل يبلغ طوله حوالي 55م.

9.  خزّان الحنايا:

يقع هذا الخزّان جنوب ساحة الفوروم وهو مستطيل الشكل وتبلغ ابعاده 15.5 × 27 م. وقع إنشاؤه خلال القرن الثاني بعد الميلاد ويزوّد بالماء مباشرة عن طريق الحنايا ويوجد بقربه خزّان دائري الشكل مهمّته توزيع المياه على مختلف أحياء المدينة.

10.          خزّان الفوروم:

يحدّ هذا الخزّان ساحة الفوروم من الناحية الشرقيّة وهو مستطيل الشكل: 23 × 36 م وكان مغطّى بالكامل ومقسّما إلى ثلاثة أروقة محمولة على عمادات مربّعة الشكل. يزوّد هذا الخزّان بالمياه عن طريق قناة تربطه بخزّان الحنايا. وقد تمّ إنشاء هذا الخزّان بالأساس لتزويد الحمّامات العمومية الكبرى بالمياه.

11.          حمّامات لابيريي:

تحمل هذه الحمّامات الخاصّة اسم العائلة التي قامت بإنشائها والتي تمّ الكشف عن اسمها على نقيشة في الأرضية الفسيفسائية التي كانت تزيّن القاعة الباردة من الحمّام. تمثّل هذه الفسيفساء لوحة أسطورية للإله أورفي الذي يسحر الحيوانات بموسيقاه. تمّ الكشف عن هذا المعلم في نهاية القرن 19 وتوجد الفسيفساء حاليا بالمتحف الوطني بباردو.

12.          حمّامات الملائكة الصيّادين:

توجد هذه الحمّامات الخاصّة بالقرب من منزل إيكاريوس وهي تحمل اسم الفسيفساء التي تمّ الكشف عنها على جدار حوض مائي بالقاعة الباردة، والتي تمثّل مشهدا خياليا به عدّة أطفال مجنّحين يركبون قواربا، ودلافينا وهي بصدد صيد الأسماك في بحر زاخر بالمخلوقات البحريّة.

II-              الموقع وآفاق تنميته:

1-العواملالمساعدة:

-  القرب من العاصمة مع سهولة الوصول إليه.

- مساحة هامة ومعالم متميزة.   

- موقع أثري وطبيعي.  

- قسم كبير من الموقع لا يزال غير مكتشف.

- بداية إنجاز مثال التهيئة والحماية لموقع أوذنة الثقافي.

- تقدم إنجاز هياكل استقبال توفر كل الخدمات اللازمة لزيارة الموقع في أحسن الظروف.

- ربط الموقع بالشبكة الكهربائية وتزويده بالماء الصالح للشراب.

- تحسين تأمين الموقع ومعالمه.

- تحسين العلامات الإرشادية واللوحات التفسيرية.

- تحسين الطريق المؤدية للموقع وتركيز إنارة عمومية.

- إنجاز صفحة فيسبوك للتعريف بالموقع وبأنشطته.

2-موقع أوذنة قطب تنموي ووجهة للسياحة الثقافية

- معدل زيارات في حدود 12 ألف زائر في السنة.

- للموقع إمكانيات تشغيلية عالية سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة.  

-  تنشيط الحركة الاقتصادية بالجهة: إحداث نزل ووكالات أسفار، حركة النقل، المحلات التجارية والخدماتية.

- موقع مختص في السياحة الثقافية: بالإضافة للمعالم، العمل على إحداث متحف وورشات تراثية ...

- تنظيم حضائر حفريات تعليمية.

- دمج الموقع ضمن مسلك سياحي جهوي.

-تنظيم معارض حول الموقع.

-تنظيم الدورة الأولى لمهرجان أوذنة الدولي.

- تنظيم تظاهرات احتفالية وملتقيات دولية على مدار السنة. 

- تهيئة الموقع لتصنيفه كتراث عالمي. 

د.نزار بن سليمان

مكلف بالبحوث بالمعهد الوطني للتراث

محافظ موقع أوذنة الأثري