وكالة إحياء التّراث والتنمية الثقافيّة تنظم يوما إعلاميا مفتوحا للتعريف بالتّراث الثّقافي المغمور بالمياه التونسية

تونس- نابل- شبكة الرؤية الإخبارية- تقرير: عوض سلام// كان اليوم الإعلامي المفتوح الذي نظمته وكالة إحياء التّراث والتنمية الثقافيّة للتعريف بالتّراث الثّقافي المغمور بالمياه التونسية، أشبه بمهرجان سياحي جمع بين السياحة الثقافية والترفيهية، بمنطقة سيدي الرايس من ولاية نابل على بعد 46كلم عن العاصمة التونسية.

وكالة إحياء التّراث والتنمية الثقافيّة تنظم يوما إعلاميا مفتوحا للتعريف بالتّراث الثّقافي المغمور بالمياه التونسية|||
|||

ففي عمل تكاملي كان اليوم الإعلامي الذي نظمته وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية متوازيا مع الورشة التدريبية حول طرق وتقنيات البحث الاثري المغمور بالمياه التي اشرف عليها المعهد الوطني للتراث من 20 إلى 30 يوليو2022، بالتعاون مع جامعة Perpignanبفرنسا والمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس وبمعاضدة فنية ولوجستية من الجمعية التونسية "عروس المتوسط"، والجمعية الفرنسية Aresmar.

توأمة بين الافتراضي والواقعي

وكانت وسائل الإعلام التونسية والدولية المواكبة لهذه التظاهرةـ التي انتظمت في الثامن والعشرين من يوليو 2022، شاهدة على إصرار وكالة إحياء التراث والتنمية والثقافية على أن تكشف للحاضرين، بكافة شرائحهم العمرية واهتماماتهم، عن الكامن من آثار في أعماق البحار سواء عن طريق الغوص الحقيقي أو الافتراضي عبر التطبيقات التكنولوجية.

وبينما كان المتمرسون في الغوص وسبر أغوار البحار يستطيعون، بقدراتهم الخاصة، لمس ومشاهدة الإرث الثقافي القابع في أعماق مياه شاطيء سيدي الرايس، فغير بعيد، جلس الشباب منتظرا دوره لمشاهدة المسلك الأثري المغمور بالمياه الذي أسسته المكلّفة بالبحوث في التراث الثقافي المغمورة بالمياه بالمعهد الوطني للتّراث، وفاء بن سليمان، للاطلاع على قطع أثريّة مختلفة تشمل جرار من الفخّار ومراس حجريّة ومعدنيّة تعود لفترات تاريخيّة مختلفة، يدفعهم الفضول وحب المغامرة بعد مشاهدة التطبيق الذي صممه قسم الإعلامية بوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية لهذا المسلك.

هل كانت كاربيس ضمن طريق الحرير؟؟

وتقول المكلّفة بالبحوث في التراث الثقافي المغمور بالمياه بالمعهد الوطني للتّراث، وفاء بن سليمان، في تصريح لـ "شبكة الرؤية الإخبارية المصرية"، أن أعمال المسح لشط سيدي الرايس بدأت منذ عام 2017 لتستمر إلى 2019، وقد تم العثور على بقايا سفن غارقة تعود الى فترات تاريخية مختلفة، وهذا مذكور في المصادر الكلاسيكية تحت اسم "كاربيس"، وهو الاسم القديم لهذه المدينة البحرية.

وقد يكشف هذا الإرث الأثري على أن المياه التونسية كانت ممرا تجاريا هاما، وربما مركزا اقتصاديا في حقبة تاريخية ما، نظرا لأن معظم القطع التي تم العثور عليها هي لسفن غارقة، وبقايا الموانئ القديمة التابعة للمدن المطلة على السواحل التونسية بحسب المكلّفة بالبحوث في التراث الثقافي المغمورة بالمياه بالمعهد الوطني للتّراث، وفاء بن سليمان.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الصين تعمل على أن تكون تونس اللاعب الأساسي في القارة الأفريقية في السباق الاقتصادي على طريق الحرير الذي تعمل بكين على إحياءه، وقد كان هذا جليا منذ ربيع 2017، عندما افتتحت منظمة طريق الحرير للتعاون الثقافي الاقتصادي الدولي الصينية(سيكو)مكتب(سيكو تونس)برئاسة الغرفة التونسية الصينية لدفع التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وبحسب موقع اليونيسكو فقد هلك العديد من السفن التي عبرت طريق الحرير البحري على مر الزمن، وبات حطامها قابعاً في قاع المحيطات والبحار مشكلاً مصدراً هاماً للمعلومات التاريخية.

وتُصنّف أطلال المدن والموانئ التي غمرتها المياه وحطام السفن التي غرقت على أنها من التراث الثقافي المغمور بالمياه الذي تحميه اتفاقية اليونسكو لعام ٢٠٠١.

وفي الأفق برامج تعاون دولي بين تونس والبلدان ذات الخبرة في هذا المجال مثل فرنسا وإيطاليا ومصر من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من الأثار المغمورة بالمياه.

الغوص عبر الواقع الافتراضي المعزز بالذكاء الاصطناعي

وتعمل وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية على تطوير عملها بمشاريع إبداعية من خلال تنظيم زيارات افتراضية للمواقع الاثرية عبر تطبيقات تكنولوجية للواقع الافتراضي المعززة بالذكاء الاصطناعي، بحسب تصريح مدير الإعلامية بالوكالة، شكري الدجبي.

ولما كان الشباب يغوص من أجل مشاهد حقيقية رآها عبر تطبيق وكالة إحياء التراث، ما كاد الغواصون في الأعماق السحيقة يعودون إلى اليابسة إلا واستعادوا ما رأوه بالعين المجردة عبر نظارات 3Dالتي كانت متوفرة في المكان.

وإذا كان الإعلاميون قد عاينوا عن كثب المسلك الأثري بخوض تجربة الغطس إلا أن لدخول عرض البحر رفقة الغواصين في نزهة بحريّة، ومتابعة التجربة تأثيرا خاصا قد يدفع إلى أن يسيل موضوع الاثار المغمور بالمياه مدادا كثيرا.

توثيق ووثائق

استكمالا لليوم الإعلامي اجتمع الحضور لمشاهدة شريط ترويجي حول التّراث المغمور بالمياه بجزيرة "بيلاو" ببنزرت وهي تجربة رقمية من انتاج وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية تعتمد الواقع الافتراضي.

أما عن الجانب التوثيقي فإن اعتمد على عرض عدد من اللّوحات توثّق لأهم البحوث العلميّة الأثريّة المغمورة بالمياه بجهة الوطن القبلي في تونس، فإن مشاهدة فيلم تم تصويره تحت الماء حول الأثار القابعة في قاع البحر كان الأكثر تشويقا في عالم أصبحت فيه الصورة من أهم المؤثرات.

ووثق هذا الشريط لورشة تكوينية حول طرق وتقنيات البحث الأثري المغمور بالمياه في عرض سواحل الموقع الاثري بسيدي الرايس من ولاية نابل.

يوم إعلامي لسبر أغوار البحار والاطلاع على المغمور من الأثار انتهى، بينما لم تنته الآمال في أن يكون مشروعا لتظاهرة سنوية تعتمدها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية تنضم إلى عديد التظاهرات التي تدعم جهود الدولة في دعم حركية السياحة الثقافية، مما يصب حتما في المصلحة الوطنية للبلاد التونسية.