وبعد ما نشرته ترايسي، تشجعت عشرات النساء، حيث اكتشفن أنهن لسن الوحيدات من "ضحايا العطار" بحسب وصفهن، كل وفق المجال والظروف التي جمعته بهذا الشخص الذي أصبح متهما بقضايا تحرش متسلسلة هزت الرأي العام اللبناني.
عشرات الحالات ممن تكرر معهن الموقف نفسه اتهمن "العطار" بالتحرش والإزعاج وتقديم إيحاءات جنسية وعروض عمل وهمية للاستغلال.
وأدت الواقعة إلى تحرك النيابة العامة والأجهزة الأمنية المختصة، حيث فتحت باب الاختبار على قانون تجريم التحرش الجنسي الذي أقر عام ٢٠٢٠ في لبنان، لكونها من أول قضايا التحرش التي تثار بهذا الحجم وتثير هذه الضجة لدى الرأي العام اللبناني وتطال مجالات عمل مسلط الضوء عليها كالوسط الفني والإعلامي والمسرحي.
وتكشف ترايسي أنها بدأ تواصلت مع "العطار" بعدما قدم لها عرض عمل، عبر دور رئيسي في فيلم قصير من إعداده.
وتقول: "سبق له أن تواصل معي مرتين من قبل حيث قام بدعوتي لحضور مسرحياته، لكنني لم أجبه حينها لأنني لا أعرفه.
عاد ليتواصل معي قبل شهرين مقدما عرض عمل معه، وكان محترم جدا طلبت منه أن يقدم لي نصا (سكريبت) ووافق واتفقنا على أنه عمل مدفوع".
تتابع ترايسي "في اليوم التالي أرسل لي صورته ثم قال إنه أرسلها بالخطأ، ومن بعدها بدأ يحاول أن يجتمع بي ويتصل للحديث قبل أن يرسل النص فأوضحت له أنني لن التقي أو اتصل به قبل أن يرسل النص.
تابع المماطلة ولم يرسل نص العمل، ثم جرى اتصال لاحق بيننا للاتفاق على الأجرة، حينها عرض علي مبلغا زهيدا ورفضته فقفز في عرضه من ٢٠٠ ألف ليرة إلى مليون ليرة مرة واحدة (حوالي 600 دولار بسعر الصرف الرسمي) دون مفاوضات".
وتضيف: "هنا بدأت أنتبه أن الأمور لا تسير بشكل طبيعي وبدأت انسحب من المشروع كله ووصلت إلى أن أبلغته أنني لم أعمل معه بعد سلسلة مضايقات منه، فإذ به يتصل بي ذات ليلة عند الفجر، فتحدثت معه في اليوم التالي مستفسرة عن هذا الاتصال الغريب موضحة له أنه لا يحق له الاتصال في هذا الوقت، فكان رده معتذرا بأنه لم يكن بوعيه وتحت تأثير الكحول".
وتستدرك قائلة: "عاد بعدها وأرسل لي صورة وسألني "هل أبدو مراهقاً وأنا أرسل لك صوري؟"
توقفت حينها عن الرد عليه وأوضحت له أنه لم يعد هناك عمل بيننا وقمت بحظره على جميع حساباتي. تابع مضايقتي وملاحقتي فقام بالاتصال من أرقام أرضية وتواصل معي من حسابات وهمية يهددني، هددته بالقوى الأمنية فغاب أسبوع".
وتوضح "ترايسي" أن "العطار" عاد ليتواصل معها "قال لي أنه ليس خائفا من القوى الأمنية وبدأ بشتمي والتشهير بي واختلاق أخبار عني على وسائل التواصل الاجتماعي.
عندها قررت فضح الأمر على فيسبوك ونشر المحادثات معه والتحدث عن مضايقاته من شدة خوفي منه ومن أسلوبه في الملاحقة، لعله يرتدع بهذه الخطوة".
وتعتبر أن "الصورة الحقيقية لـ"العطار" بدأت تتضح أكثر حينما بدأ عشرات من النساء بالتواصل معي ليتحدثن عن تجارب مماثلة حصلت بينهن وبين العطار وأخرى أكثر فظاعة وصلت إلى حد التحرش الجنسي لفظياً وجسديا".
قول ترايسي: "بعضهن وافق على نشر القصص، وبدأنا بالتواصل من أجل اتخاذ إجراء قانوني لردعه خاصة بعدما استمر بالرد وتلفيق الأخبار عبر مواقع التواصل، ووصل إلى حد فبركة وتزييف أخبار عن الفتيات لتخويفهن".
وتشدد "كنت واضحة جدا معه أن لا مجال معي لهذه السلوكيات، ومع ذلك سمح لنفسه بمضايقتي بهذه الطريقة، أزعجني بشتائمه واتهاماته وفبركته، لم يتعرض لي بإيحاءات جنسية رغم انه طلب في احدى تسجيلاته الصوتية أن نكون "أكثر من مجرد رفاق" لكن ما وصلني لاحقا من ضحاياه يؤكد أنه متحرش جنسي أيضا.
"رنا عباس" كاتبة، تعرفت إلى "العطار" من خلال كتاباته، وجمعها به حديث حول رواية تتحضر لنشرها، تروي كيف عرض صديق مشترك أن يوقع لها نسخة من كتابه، من بعدها "طلبت من جعفر أن يطّلع على رواية كتبتها وأن ينصحني بمعرفته بالأمور التقنية اللازمة في دور النشر، ورحب جدا بالمساعدة، التقيت به مرة في الحمرا بناء على طلبه للتعارف، وكان لقاء عادي لم يجر خلاله أي حديث أو تصرف خارج السلوك الطبيعي.
إلا أن القصة بدأت مع "رنا" من حيث حصلت مع غيرها "استمر بالمماطلة، كنت انتظر منه الاطلاع على الرواية وكان يتذرع بانشغالاته، إلى أن أرسل لي فجر يوم صورته، ثم ابقاها وارفقها باعتذار لكونه أرسلها بالخطأ، ثم بدأ يحاول دعوتي للقاء معه دون أن يقوم بقراءة الرواية ليقدم لي رأيه فيها، بات يرسل لي صورا من جلساته الخاصة ويدعوني إليها ولم اكن اتجاوب معه على اعتبار ان ما يجمعني به هو الرواية وهو لم يقرأها بعد."
بعد مدة طويلة، تقول "رنا": "عدت وتواصلت معه مستفسرة عن الرواية فدعاني إلى مقهى في الضاحية الجنوبية لبيروت، وارسل لي موقع المكان، حين وصلت لم يكن هناك وجود للقهوة، قال لي انها مغلقة ثم دعاني إلى منزل صديقه ربيع القريب من المكان، وافقت على اعتبار أن صديقه سيكون موجود وأريد الانتهاء من أمر الرواية.
وتتابع "وحين وصلت وبدأنا الحديث انسحب صديقه من المكان وانتقل حديث جعفر إلى الشق الجنسي، بقيت أحاول تغيير الموضوع وكان يعود يحاول اقناعي بقبول ممارسة الجنس معه، رفضت وذكرته بخطيبته، وبكوني مخطوبة أيضاً وأن عرضه غير مقبول".
وتضيف "حين هممت بالمغادرة اقترب وحاول تقبيلي بالقوة، حينها انفجرت به وهددته بفضحه وقلت له انني اسجل الحديث كله، فإذ به يدعي أن كل كلامه الذي قاله كان من سيناريو مسرحية محضر مسبقا، رغم أن كل ذلك كذب، فقد وصل إلى حد التغزل بالوشم الذي املكه وبات يعطي رأيه بشعري وتسريحتي مقدما عروضه الجنسية".
تعبر "رنا" عن كونها شعرت بالذنب في بداية الأمر، "أحسست بأن الحق علي وانني المخطئة، ولكنني تذكرت اننا في العام ٢٠٢٠، ولم اقم بأي خطأ وإنما دفعني طموحي وهدفي إلى هذا الموقف، استجمعت نفسي حينها وواجهته بحسم، وهذه حال معظم ضحاياه حيث أوهمهم بأعمال واستغل طموحهم وأحلامهم.
الصحافية "لونا صفوان"، كانت واحدة من ضحايا العطار بحسب ما كشفت عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد أن العطار "كان لديه أكثر من أسلوب للتحرش، دخل على كل ضحية على حدى عبر المجال التي تعمل به من منطلق عمل مشترك."
وتتابع "لونا": "بدأ حديثه معي عبر مواضيع سياسية فبعد أن طلب صداقتي عبر فيسبوك وقبلته بكونه بيننا أصدقاء مشتركين واعرفه بالاسم.
وبعدما بدأ بتعليقات سياسية على منشوراتي وتبادل آراء سياسية، قام فجأة ودون سابق إنذار بإرسال صورة لغلاف كتابه وعليه تعابير وايحاءات جنسية.
وبحسب "لونا"، ثم قال لي "هكذا أفكر بأخذك إلى سريري" وهنا شعرت بالتحرش الجنسي، وشعرت بأن هذه المساحة لي لا يحق له اقتحامها وهذا تحرش أكيد، قمت بصده وشرحت له ان الأمور لا تجري بهذه الطريقة، لم ينكر هذه المحاولات معي على غرار ما فعل مع باقي الفتيات، ولكنه تذرع بكونه سكران، ومع ذلك لم يتوقف عن المحاولة فيما بعد، رغم انني ازلته عن لائحة أصدقائي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعدما توقف عن مضايقتي لوقت معين، تقول "لونا"، عاد عارضاً علي الخروج معه وتناول كأس من الكحول.
كانت هذه النهاية بالنسبة لي، وحين واجهته بأن عرضه مرفوض وأن لا صفة له ليقدم هذه الدعوة، تذرع بكتابته رواية عن شخص يدمن كحول وتقمص الشخصية، اعتذر وغادر. بعكس ما فعل مع غيري من ضحاياه حيث هاجمهم حينما واجهوه."
"لونا" وجدت بكلام "ترايسي" وغيرها من الضحايا اللواتي عبرن عما حصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فرصة لتقدم روايتها، إلا أن العطار كان رده مزيد من التشهير والنكران ونشر رقم هاتفها على مواقع التواصل بحسب ما تؤكد، مضيفة أنه عمد إلى ترهيب العديد من ضحاياه بهذه الأساليب فيما تهرب من المسؤولية في مواقف أخرى بالقول أنه كان تحت تأثير الكحول والحشيش."
تؤكد الصحافية اللبنانية ان جميع ضحايا العطار اللواتي تحدثن على العلن عما حصل معهم سيتقدمن بدعوى قضائية مشتركة تتضمن كل ما جرى وكل الروايات، فيما نقابة الممثلين تكفلت بالدعوى ومتابعتها لأنه على الأقل هناك ٤ صبايا خريجات مسرح ومعهد فنون.