10 من أشهر نساء تونس في التاريخ القديم

شبكة الرؤية الاخبارية المصرية:-  نقلا عن كتاب "شهيرات التونسيات" هو لحسن حسني عبد الوهاب الذي وصفه بأنه "بحث تاريخي أدبي في حياة النساء النوابغ بالقطر التونسي من الفتح الإسلامي إلى الزمان الحاضر"

كتاب عن "شهيرات التونسيات" لكاتبه حسن حسني عبد الوهاب (1884-1968)، والذي أعاد الكريديف (مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة) في تونس، إصداره سنة 2020.

وقد وصف المؤلف كتابه، بكونه "بحثًا تاريخيًا أدبيًا في حياة النساء النوابغ بالقطر التونسي من الفتح الإسلامي إلى الزمان الحاضر"، وأهداه إلى ابنته نائلة عبد الوهاب، مقسّمًا فصوله إلى أدوار، هي: الدور العربي والأغلبي والعبيدي والصنهاجي والحفصي والتركي والحسيني.

1) الكاهنة: صنديدة بربرية (الدور العربي)

هي دهيا بنت تابتت بن تيفان (585-712 م)، نشأت في قبيلة جراوة من زناتة المخيّمة بجبال أوراس. ولمّا غزا حسان بن النعمان الغساني إفريقية من قبل عبد الملك بن مروان، واستولى على قرطاجنّة ملجأ الروم، عزم على تبديد أمر البربر، فخرج إلى الكاهنة بجيوشه والتقى بها عند نهر مسكيانة، وبعد بلاء عظيم انهزم حسان وقُتل من العرب خلق كثير وأسرت الكاهنة جماعة منهم.

وقد عرفت الكاهنة البربرية بشراستها في الدفاع عن أرضها فأصبحت مضرب الأمثال، وضرب بها المثل في ذلك. وبعد حروب عديدة خاضتها ضد المسلمين، انتصرت في بعضها وانهزمت في أخرى، يقول الكاتب إنها "ماتت موتة الأحرار بعد أن خلدت في تاريخ هذا القطر ذكر الأبطال الذي لا ينقضي بمرور الدهور والأجيال، إذ كان آخر ما قالته: "كيف أفرّ وأنا ملكة؟ والملوك لا تفر من الموت، فأقلّد قومي عارًا إلى آخر الدهر"، وهي لذلك واحدة من بين أشهر نساء تونس عبر التاريخ.

2) أم البنين الفهرية (الدور الأغلبي)

يذكر التاريخ من أشهر التونسيات السيدة فاطمة الفهرية، "حفيدة" بن نافع ومؤسسة أول "جامعة" في العالم. وهي من أهل القيروان، ومن بين العرب النازحين إلى المغرب الأقصى، وتسمى فاطمة بنت محمد الفهري وتكنى أم البنين.

يقول عبد الوهاب في كتابه، إنها نزلت في أهل بيتها بعدوة القرويين على عهد إدريس الثاني، وبعد مدة مات زوجها وإخوتها فورثت منهم مالًا جسيمًا فتعلقت همتها الشماء بصرفه في أعمال البِرّ، وعزمت على بناء مسجد والتزمت في بنائه بأن لا تأخذ التراب وغيره من مادة البناء إلا من نفس الأرض التي اشترتها دون غيرها. وقال عنها ابن خلدون "فكأنّما نبّهت عزائم الملوك من بعدها".

وقد أصبح جامع القرويين الشهير، المعهد الديني المعتبر، أكبر كلية عربية في البلاد المراكشية، ويعتقد كثيرون أنه أصبح جامعة بداية من عام 877 ميلادي.

3) أسماء بنت أسد بن الفرات:

وأسد بن الفرات هو عالم إفريقية وقاضيها، وقد نشأت ابنته أسماء بين يدي أبيها فأحسن تهذيبها وثقّف ذهنها علمًا وحكمة، وكانت تحضر مجالسه العلمية في داره وتشارك في السؤال والمناظرة حتى اشتهرت بالفضيلة ورواية الحديث والفقه، وباتت حاضرة في رأس قائمة أشهر نساء تونس عبر التاريخ.

وحين تقلّد أبوها إمارة الجيش المعدّ لفتح جزيرة صقلية، هرع الناس لتشييعه، فنُشرت الألوية وضُربت الطبول، وخرجت أسماء لوداع والدها وأوصلته إلى سوسة حتى ركب الجنود الأساطيل، ومكثت معه إلى أن غادرت السفن المرسى.

تزوّجت أسماء بأحد تلاميذ أبيها، وهو محمد بن أبي الجواد الذي خلف أستاذه في خطة القضاء وتولّى رئاسة المشيخة الحنفية بالبلاد الإفريقية سنة 225هـ، وقد توفّيت في حدود سنة 250 هـ.

4) خديجة بنت الإمام سحنون بن سعيد التنوخي:

وأبوبها هو حامل لواء مذهب مالك بالمغرب، وكان يحبها حبًا شديدًا، ويستشيرها في مهمات أموره، حتى إنه لما عُرض عليه القضاء، لم يقبله إلا بعد أخذ رأيها، وكذا كان يفعل أخوها محمد بعد وفاة أبيهما.

وكان نساء زمانها يستفتينها في مسائل الدين ويقتدين بها في معضلات الأمور، ويحكى أنّ خديجة كانت من العالمات القيروانيات الكبار، وقد أخذت عن والدها سحنون وسارت على منهجه، لدرجة أنه قيل عنهم إنهم سرج أهل القيروان. ووصف أصحاب سحنون بأنهم مصابيح في كل بلدة، وقد بلغ عددهم نحو 700، انتفعوا بمجلسه وصحبته.

5) مهرية الأغلبية (الدور الأغلبي)

هي الأميرة مهرية بنت الحسن بن غلبون التميمي، وهي أيضًا واحدة من أشهر نساء تونس، نشأت أواسط القرن الثالث للهجرة بمدينة رقّادة قرب القيروان، في عز ورفاهية، إذ كانت من الأسرة الأغلبية الحاكمة لإفريقية، وتربت في تلك البيئة الراقية وتلقت العلوم مع تربها حتى أتقنت العربية واشتهرت في زمانها بالأدب الغض ووصف نظمها بالجودة، وفق الكاتب.

ولم يصلنا من شعرها سوى قطعة أنشدتها في رثاء أخيها:

  • ليت شعري ما الذي عانيته؟     بعد طول الصوم مع نفي الوسن
  • مع غروب النفس عن أوطانها   والتخلي عن حبيب وسكن
  • يا شقيق ليس في وجد به       غلة تمنعني من أن أجن
  • وكما تبلى وجوه في الثرى      فكذا يبلى عليهن الحزن

6) أم ملال الدور الصنهاجي (الدور الصنهاجي)

 نتحدّث عن السيدة بنت المنصور بن يوسف الصنهاجي، التي ولدت بقصر المنصورية الذي ابتناه أبوها بصبرة على ميل من القيروان، وفي هذا القصر الذي حوى المهابة والجلال والجمال، نشأت ودرجت أم ملال في كنف والدها صاحب إفريقية وأخيها باديس ولي عهده، حسب عبد الوهاب.

لما مات والدها المنصور وتولى بعده أخوها، وكان يعلم تفوقها وعقلها وسعة رأيها، فأخلصها حبه وأشركها في تدبير أمره وانتصح برأيها في سياسة الدولة التي كانت مملوءة بالثورات والفتن الداخلية، فاشتغل بالحروب وأوكل لأخته الإشراف على أعمال الدولة وسياسة الرعية.

بعد وفاة باديس، تولى ابنها المعز الإمارة، ولولا عنايتها به وحياطتها له لما أدرك من الشهرة وبُعد الصيت ما جعله أنبغ ملوك عصره. وقد دفنت بالمهدية ثم نُقلت إلى المنستير إلى مقبرة أمراء صنهاجة المعروفة بمقبرة السيدة نسبة إلى هذه الأميرة.

وقد أمر المعز في مأتمها بنحر 50 ناقة و100 رأس من البقر و1000 شاة.

 

7) الجازية الهلالية (الدور الصنهاجي) 

أورد حسن حسني عبد الوهاب في كتابه، أنّه كان للجازية أخوان هما حسن وبدر بن سرحان، ينسبون في دريد من هلال، وكان الشريف بن هاشم حاكم مكة، قد أصهر إلى حسن بن سرحان في أخته الجازية فزوجها إياه وولدت منه أولادًا.

وذُكر أنه حدث بينهم وبين الشريف مغاضبة وفتنة، فأجمعوا على الرحلة عن نجد إلى إفريقية، وتحيلوا في استرجاع الجازية فطلبت منه زيارة قومها فلبّى ذلك، وخرج بها إلى أحيائهم، فارتحلوا بها وكتموا رحلتهم عنه وموّهوا عليه بأنه يباكرون به للصيد والقنص ويرجعون به إلى بيوتهم.. فلم يشعر بالرحلة إلى أن فارق موضع مُلكه، وصار إلى حيث لا يملك أمرها عليهم ففارقوه وأعادوه إلى مكة.

وقد اتفق الهلاليون على مدى الحب الذي جمع الجازية بالشريف، وقد اعتاد سكان القطر التونسي -حضرهم وبدوهم- ضرب المثل بصورة الجازية في وصف الجمال التام، فمتى أرادوا تشبيه امرأة جمعت بين الحسن الباهر والعقل الوافر كانت الجازية في الكمال والتفكير والرأي والتدبير، وإنهم يتناقلون الحكايات الظريفة عنها ما يُعفي عن أخبار مجنون ليلى وكثير عزة، وفق الكاتب.

8) السيدة المنوبية (الدور الحفصي)

هي عائشة بنت الشيخ أبي موسى عمران بن الحاج سليمان المنوبي وأمها فاطمة بنت عبد السميع، ومولدها بقرية منوبة غربي مدينة تونس.

نشأت في حجر أبيها وقد اعتنى بتربيتها فعلّمها القرآن الكريم حتى أحسنت حفظه، ثم لاحت عليها علامات الزهد والصلاح، فأراد أبوها تزويجها من أحد أقاربها فلم تقبل وبقيت على عزوبتها. وقيل إنها تزوجت ثم ارتحلت إلى سكنى الحاضرة بقصد الانقطاع للتبتل، فقطنت منزلًا خارج ربض (رياض السعود) وهو المعروف عندنا اليوم بالمركاض حيث المقام المشتهر الآن باسمها.

وكان شأنها العبادة وغزل الصوف وهو مورد حياتها، حُكي في مناقبها أنها ختمت القرآن الشريف في حياتها 1520 مرة، وكانت تبرّ بالفقراء والمساكين وتكرم المحتاجين. ويروى عنها أنه إذا بات بجيبها درهم ولم تتصدق به تقول "الليلة عبادتي ناقصة".

وكانت تنقطع أيامًا عن الذكر، ولما تُسأل عن ذلك تجيب "لا خير في ذكر اللسان ما لم يكن القلب حاضرًا".

وقد شاع خبر صلاحها بتونس وقطرها، فلم تزل معظّمة مكرّمة إلى أن توفيت يوم الجمعة 21 من رجب سنة 665 على عهد السلطان المنتصر بن أبي زكرياء الحفصي، وحضر جنازتها غالب علماء تونس في ذلك العصر، وآخر كلام سمع منها عند احتضارها "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون". مقام السيدة المنوبية مقام السيدة المنوبية

9) عزيزة عثمانة (الدور التركي)

عزيزة عثمانة بنت أبي العباس أحمد بن محمد بن عثمان داي، أو "المُحسِنة الكبيرة"، إذ كانت مغدقة الإحسان وذات يد بيضاء، وهي من بين أشهر النساء التونسيات عبر التاريخ.

نشأت هذه الأميرة في منتصف القرن 11 في بيت الإمارة، وقد عنى والدها بتربيتها وتعليمها، وعيّن لها من فقّهها في الدين وحفّظها القرآن ولقّنها الآداب وأصول التربية وسياسة المنزل.

حجّت عزيزة عثمانة واعتمرت وحج معها خدمها وعبيدها، ولما عادت إلى تونس أعتقت العبيد ووضعت وصيتها المشهورة التي تجردت فيها من كل ما تملكه من الربع والعقار وجعلته وقفًا، ومن بين مناقبها أنها كانت تقف على ختان أولاد الفقراء وكسائهم يوم عاشوراء من كل عام.

توفيت في حدود 1080 للهجرة ودفنت بحلقة النعال حذو المدرسة الشماعية داخل المدينة، وقد أقامت مدرستين داخل الحاضرة بحومة العزافين سمي المستشفى الصادقي فيما بعد.

10) أم الأمراء آمنة (الدور الحسيني) آمنة،

وتدعى منّانة بنت الأمير علي باي بن حسين بن علي باني البيت الحسيني، وأمها جارية من أعلاج القرج اسمها محبوبة.

ولدت عام 1172 وتربت مع أخيها حمودة في قصور باردو وزاولت برفقته القراءة وحفظ القرآن على يد المربي العالم حمودة باكير، فأخذت عنه ما يلزم من فقه الدين ومبادئ النحو والعربية والحساب.

وشبّت في ذلك المحيط الراقي الذي لم تفارقه بعد أن تزوجت بابن عمها محمود بن محمد الرشيد باي.

شاهدت اعتلاء أخيها حمودة باشا سدة الحكم وشاركت بعد وفاته في صعود زوجها. وإن الأمر الذي يجب على التاريخ تخليد أثره في حياة هذه الأميرة اهتمامها الكبير بمستقبل البيت وحفظ نسله سالمًا، قال عنها أحمد بن أبي ضياف "توفيت آمنة زوجة الباي وأم أولاده وبنت عمه ليلة الثلاثاء ثالث ربيع الثاني من سنة 1238".