ومع عدم ظهور أية إشارات تؤكد استكمال مخطط باراك أوباما الذي بدأه عام 2009، بعودة الديمقراطيين مع جو بايدن2021 ، بدأت التنظيمات الاسلامية المتمركزة في السلطة ببعض الدول مثل تونس والمغرب التمسك بالمكاسب التي حققتها على الارض، وفق خطط وضعتها طوال اربع سنوات من الانتظار لرحيل الجمهوريين مع دونالد ترامب.
وبينما كانت سياسة جو بايدن، في التعامل مع مخططات الادارة الامريكية، موضع تحليل، وتساؤل حول الطريق التي سيدخل منها، إلا أن استخدام الباب الخلفي كان ذا وقع أكبر، وتأثير مباشر في دعم مثل هذه التنظيمات، بقراره سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، فاسحا المجال لحركة "طالبان"، وتمكينه من الحكم في منطقة استراتيجية تشترك في الحدود مع إيران.
وكان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لصالح "طالبان" بمثابة الصعود المفاجئ للتنظيمات الإسلامية، لا يقل في وقعه عن السقوط المدوي للإخوان المسلمين في مصر عام 2013، وبارقة أمل ربما ليست كما يروق للتنظيمات الإسلامية، ولكنها خطوة كبيرة منحتهم مساحة أرض ربما تكون مركز "الجهاد"، إن لم تكن الشوكة في خاصرة إيران، أو الجمرة التي وضعتها واشنطن في كفي بيكين، بعد إعلان الصين عن فتح قنوات التعامل مع هذا التنظيم.
إذن، أخرجت واشنطن حركة "طالبان" من شكل التنظيم إلى شكل الدولة، بما يفسح المجال لاستقطاب كافة التنظيمات الإسلامية حول العالم، وكان هذا ردا على السؤوال المطروح حول مأوى الإخوان المسلمين الهاربين إلى تركيا وقطر، والذين قد يهربون من تونس.
من ناحيته، جو بايدن يدافع عن قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، ويرى أنه القرار الصحيح، وتارة يقول أنه كان من غير المتوقع استيلاء "طالبان" على الحكم هناك، وتارة يقول أن الاستخبارات الامريكية توقعت ذلك خلال 2021 ، وفق تصريحاته الأخيرة مع BBC .
لكن أمريكا لن تغفر لمن ساهموا في إخفاق مخططها، ومنهم مصر بإسقاطها "الإخوان المسلمين" من الحكم، والصين وإيران وروسيا بدعمهم لسوريا في دحر تنظيم "داعش"، ولم تدع لتونس الفرصة في الخروج من منطقة الهدف في أن تصبح الشوكة في خاصرة شمال أفريقيا، مثل إسرائيل في الشرق الاوسط، وقطر في الخليج.
وحتى تعود القاطرة الأمريكية إلى الطريق، ستحاول الإدارة الأمريكية البداية من الحلقة الأكثر ضعفا، وهي سوريا التي لم تستعد قوتها في المنطقة بعد سنوات الحرب التي انهكتها، خاصة أن مصر استطاعت أن تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية، مما يعني أنه لابد من خطة منفصلة للتعامل معها.
وبعيدا عن حسن الظن في الإدارة الأمريكية، التي لا تترك شيئا للصدفة، فإن اعتبار سوريا هي التهديد الأكبر للعالم كان رأيا هاما كشف عنه جو بايدن في حواره مع BBC ، مما يقد يعيدنا إلى الحديث عن التنظيم الأكثر دموية، الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام عندما بدأ تنظيم "داعش" في الإنهيار، وهو تنظيم "خوراسان".
وقد يكون تلكؤ تركيا في المصالحة مع مصر، وطرد خلايا تنظيم الإخوان المسلمين من أراضيها، محطة انتظار لوصول قاطرة "خوراسان" حيث أن انقره هي الممر الآمن لهم إلى سوريا.
ومع الصراع الصيني الأمريكي، ووقوف روسيا على حافة هذا النزاع، قد تكون القوى غير متوازنة في المنطقة، وإن لم تكن أفغانستان مصيدة العسل التي تجلب كل النحل، ومن ثم القضاء عليه، فإن مجرد اهتزاز على الأرض قد يؤدي إلى هيجان النحل وأزيز أقوى من أزيز الطائرات.