وقد قدم الأسعد بن عبدالله، إشكالية المسرح، والعلاقة بينه وبين الجمهور، طارحا لسؤال استنكاري حول المسرح كهوية للشعب، وهل أصبح من الفنون التي عفى عنها الزمن، أم أن العلاقة لازالت قائمة بينه وبين الجمهور..
وأضاف "بن عبدالله" أن ما يعيشه المسرح الآن من وضع يدفع على الانشغال، مما يدفع إلى طرح هذه الإشكالية للبحث في الهنات التي يجب تداركها، نظرا لما يحمله أبو الفنون من رسالة تؤسس لشخصية المجتمع.
أما الدكتور المديوني، فقد قد لمحة تاريخية عن الدور الذي كان يقوم به المسرح منذ بداياته، وكيف كانت شعوب بعينها تحرص على أن تكون هي الراعية للفن المسرحي، مشيرا في هذا الإطار إلى رحلة المسرح منذ بداياته وصولا إلى من الشام إلى مصر، مستفيضا في شرح دور المسرح في التأثير في سياسات الدول.
أما تدخل المخرج ومدير إدارة المسرح بوزارة الشؤون الثقافية التونسية، منير العرقي، فقد كان حول ما يحتاجه المسرح الآن من أدوات وتمويل، وعن الدعم اللوجستي للفن الرابع الذي اعتبره مظلوما وسط عديد الفنون حتى على مستوى تعامل سلطة الإشراف خلال رصد الدعم المادي والمالي إلى التظاهرات الثقافية، مؤكدا على ضرورة تحديث القوانين حتى تصبح مناسبة للعصر الذي نعيشه، كما أكد أن بطء وضع القوانين بحسب المنظومة الحالية سيكون له أثره على وضع المسرح.
عديد المداخلات من الجمهور الحاضر للندوة من فنانين ومسرحيين وإعلاميين، أجمعت على انه لا غنى عن المسرح، مما دفع "المديوني" لتوضيح أن طرح الإشكالية بهذه الصيغة من التساؤل "في حاجة إلى المسرح !؟" هو بمثابة تحريك المياه الراكدة، وتشخيص الوضع الحالي، وبما أن مساهمة المسرح في انتقاد سلبيات المجتمع تأتي في شكل لمسات بسيطة "دغدغة" بحسب تعبير "المديوني"، فإنه أراد كذلك "دغدغة" الإشكالية من أجل إيجاد سبل إعادة هذا الفن إلى المكانة التي يستحق.
كما أكدت مداخلات على أن المسرح، هو الفن الضحية الذي كان دائما يتعرض الى الاضطهاد من السياسيين، وأن طرح إشكالية مثل هذه في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين يدل على أن المسرح أصبح في وضعية تدعو الى الانشغال، بينما كان من المفترض، أن يكون البحث في "هل المسرح وسيلة أم غاية، وإذا كان غاية فما هو الهدف من وجوده هل إبلاغ الرسالة؟ أم إعادة المصالحة بينه وبين الجمهور، وهل أننا اليوم في حاجة إلى الكوميديا الضاحكة، أم الكوميديا السوداء، وهل بإمكاننا استقطاب الجمهور بمسرح النخبة، وماذا يجب أن نوفر لذلك من أطر ومؤطرين؟؟.
وتستمر فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الوطني للمسرح التونسي، التي بدأت في العشرين من سبتمبر 2019، على امتداد شهرين، تحت رعاية وزارة الشؤون الثقافية، حيث تمر الفعاليات بكافة ولايات تونس، ليكون الاختتام يوم 16 نوفمبر2019، بمدينة الثقافة بالعاصمة تونس، بما يجعل منها أكبر تظاهرة ثقافية في تونس.